الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

قضية أحمد عبده ماهر والسجن وتهمة ازدراء الإسلام.. تمجيد الجمود

 
محمد الخدادي
 
 
فصل آخر من تراجيكوميديا محنة العقل لدى المسلمين: خمس سنوات سجنا للباحث المصري أحمد عبده ماهر، بتهمة ازدراء الإسلام، والحال أن الرجل يجتهد من داخل النص الديني، ويدعو فقط إلى حد أدنى من التنوير بتنقية التراث الديني وأنسنته.
 
تهمة إزدراء الدين الإسلامي تثير الجدل

أثار إصدار محكمة طوارئ مصرية، الأربعاء الماضي، بسجن أحمد عبده ماهر، المحامي والباحث في الفكر الإسلامي، خمس سنوات بتهمة ازدراء الأديان، جدلا واسعا، ليس في مصر وحدها، وإنما على طول وعرض خريطة الدول المنتسبة إلى الإسلام...
وكان أحد حقراء المحامين المصريين المعروفين بكثافة بلاغاته ضد المعارضين، تقدم، العام الماضي، ببلاغ إلى النائب العام ونيابة أمن الدولة ضد ماهر يتهمه بازدراء الإسلام في أحد كتبه، وأحالته النيابة إلى المحاكمة بتهم "ازدراء الأديان وإثارة الفتنة الطائفية وتهديد الوحدة الوطنية".
وقال أحمد عبده ماهر، في تصريحات سابقة، إن تحقيقات النيابة في القضية دارت حول مضمون كتابه "إضلال الأمة بفقه الأئمة"، واتهامه بأن العبارات والنصوص الواردة فيه تسيء للدين الإسلامي. وأبدى ماهر اندهاشه من أن النيابة واجهته بنصوص من الكتاب منقولة من كتب الحديث والتراث الإسلامي، واعتبرت أن نقله لها يمثل إساءة للإسلام. وعقّب ماهر بأن هذه النصوص أوردها على سبيل النقد لا التأييد...
 
هو النص إذن، الذي جزموا أن لا اجتهاد مع وجوده. مقولة يواجه بها عموم المسلمين كل محاولة للاجتهاد والتجديد، وجعلوها قاعدة من الشريعة، مع أنها مجرد حكم فقهي، وُضع في زمن غير زمن المسلمين هذا.
 
"كل بدعة ضلالة"... لازمة تتردد كل أسبوع في خطبة صلاة الجمعة، دلالة على إغلاق كل الأبواب أمام الإبداع والاجتهاد والتجديد.
 
فالمعرفة هي ما قاله الأولون، وما على اللاحقين إلا الانصياع والاتباع، وأن يستقروا على ما أقره "السلف الصالح" و"تابعو التابعين، ومن تبعهم إلى يوم الدين"، انطلاقا من وهْمٍ كبير بأن التاريخ الإسلامي، أي تاريخ المسلمين، كان نموذجا مثاليا، وخاليا من المآسي والصراعات السياسية والاقتصادية والعرقية، مثل تاريخ جميع المجموعات البشرية. وهْم يقوم على التبسيط والمغالطة، إذ يزعم أن ما على المسلمين، كي يحلوا كل مشاكلهم، إلا أن يستعيدوا الماضي الجميل الوهمي، الموصوف في الأدبيات السطحية المكرسة بالعصر الذهبي.
 
ويستمر هذا التصور اللاتاريخي والأسطوري لتاريخ المسلمين مدسوسا في البرامج التعليمية، وسائدا في خطاب رجال الدين وفي اعتقاد عامة الناس.
 
وبينما يتطور الفكر الغربي بنقد نفسه ومساءلة أطروحاته باستمرار، تجَّمد الفكر الإسلامي بتمجيد الجمود، وأنتج أفرادا يعيشون جسديا في الحاضر بعقل الماضي، ومجتمعات يُراد لها أن يحكمها الأموات.