الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
أحمد المرادي في عرض حول قضايا النشر وصناعة الكتاب بإشبيلية

الناشر والكاتب المغربي أحمد المرادي يكتب: دعم صناعة الكتاب.. بين نبل الأهداف وعجز المنظومة

 
أحمد المرادي
 
المقال أدناه جواب على سؤال: لماذا لم نشارك في طلبات دعم نشر الكتاب والمشاركة في المعارض الدولية؟
 
منذ أكثر من عشر سنوات على إطلاق برنامج دعم نشر الكتاب والمشاركة في المعارض الدولية وإقامات المؤلفين وإحداث وتحديث المكتبات، وإصدار المجلات الثقافية الورقية والرقمية،
 
1- لم تنعقد أية لقاءات لقراءة التجربة، عبر مُدخلاتها من ميزانيات رصدت من المال العام، ومخرجاتها من رصيد توثيقي (إنتاج الكتاب) وإشعاع دولي للمغرب من خلال الحضور المغربي في المعارض الدولية، ومنتوج فكري أو أدبي خاص بإقامات المؤلفين، وتطوير لبنية تسويق الكتاب بكل أشكاله ومنها المكتبات.
 
2- لم يتم تطوير دفاتر تحملات هذا الدعم من حيث معايير الترشيح والاختيار والإنتاج والمراقبة القبلية والبَعدية.
 
3- لم يتم وضع أسس معيارية لاختيار اللجان، التي تقرر في الأعمال والمشاريع التي تحوز الدعم، من حيث الشروط الأدبية والكفاءة والاستقلالية وغياب شرط التنافي.
 
4- استمرار منظومات "باك صاحبي" التي تسيطر على القرار، إلا فيما نذر، والناذر لا يعتد به.
 
ولذلك، يحس الفاعل والمشارك في العملية وكأنه يساهم في عملية روتينية لاستهلاك ميزانيات من المال العام، كريع سنوي، مقسم على دور النشر والفاعلين الآخرين، ضمن قسمة ريعية، تعيد إنتاج نفسها على مر السنوات، بنفس الوتيرة والنسبة وحتى المبالغ، خصوصا في السنوات الأخيرة.
 
فنفس المؤسسات، ومنذ 10 سنوات، ما زال أغلبها لا ينتج الكتب إلا ضمن الدعم، ولا يشارك في المعارض الدولية إلا عبر الدعم، ويعيد تقديم مشاريع تحديث وتنشيط المكتبات منذ إنشائها.
 
في الوقت الذي كان من المفروض أن تكون هذه المؤسسات التي شاركت خلال الخمس سنوات الأولى قد تطورت وترسملت وتركت مكانها لمؤسسات أخرى لكي تنبت وتَيْنع في "مشتل الصناعات الثقافية".
 
وكأننا نعيد إنتاج منظومات قطاعات أخرى كالفلاحة مثلا، التي استنزفت وتستنزف ميزانيات لا تقاس بما "يلتهمه" قطاع الثقافة.
 
ودون الخوض في المسؤولية حول هذا الأمر، فإن التجربة تقتضي، اليوم قبل الغد، التقويم وإعادة النظر، من حيث العدالة (القطاعية والترابية) والمردودية (الكمية والنوعية) والفعالية (النجاحات والإخفاقات) والنزاهة (المعيارية والجودة) والحكامة الجيدة (آجال الإنجاز والأداءات والرقابة).
 
فلا غرابة أن يبرر الفاعلون "الثقافيون" غياب الفاعلية من خلال تركيزهم على تعطل التواصل معهم من طرف الإدارة، وتعطيل التوصّل بدفعات الدعم "القليلة" أصلا لِما يتجاوز كثيرا ما هو مسطّر في دفاتر التحملات، المطلوب إعادة النظر فيها.
 
شيء له علاقة بما سبق:
 
أرسلنا طردا من الكتب خاصًّا بإصداراتنا الجديدة، إلى مكتبة بالدارالبيضاء نتعامل معها منذ 25 سنة، يوم الثلاثاء 20 مايو 2025، وكان أن وصلت إرسالية شبيهة أُرسلت في نفس اليوم، إلى مكتبة نتعامل معها كذلك منذ 25 سنة بمراكش خلال 24 ساعة، بحثنا منذ يومها، عن طرد الدارالبيضاء، عبر الهاتف والاتصال بكل الوسائل المتاحة، ولا جواب... مما اضطر مستخدما من المكتبة إلى التنقل للبحث عنها، يوم الأربعاء 28 مايو 2025، وأخيرا وصلت الكتب إلى المكتبة المقصودة، يوم 29 مايو 2025...
هل نحمد الله على نعمه؟!
بالمناسبة شركات النقل الطرقي واللوجيستيك، تستفيد من كل أشكال الدعم من ميزانيات المال العام (الكيلوميترية والمحروقات وأشياء أخرى...)، فالكتاب له خصوصيته عند أهله، لكن هذه الشركات تطبق أثمنة خيالية وتشترط شروطا أكثر من خيالية!!!
 
ثلاثة أشياء لمن يهمّهم الأمر:
 
أولا، يحس صاحب الرأي أو الموقف أن لا فائدة من الكتابة للتعبير عن الرأي أو الموقف، بعد أن يكون قد استنفد قاموسه، ورسائله المفتوحة، الواضحة أو المرموزة... لكن تتحرش به الرغبة في الكتابة والتعبير كضرورة حياتية، فيستسلم لها راضيا.
ثانيا، لا أكتب أو أعبّر لكي يؤخذ بأفكاري، ولكن للتخلص منها فقط.
ثالثا، وبكل صدق: لا فائدة من مخاطبتكم، هذه قناعتي الصميمة، فعورطوا في هذه البسيطة إلى حين...
 
 
___________________
كاتب ومدير نشر دار التوحيدي