الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
القاضية الأفغانية طيبة بارسا

حين استنجدت قاضية أفغانية: إذا استولى طالبان على كابول فإنهم سيقتلونني بكل تأكيد

 
ترجمه بتصرف عن الفرنسية:
حميد أحمد المرادي
 
النساء القاضيات في أفغانستان، خائفات على حياتهن، ومن تنفيذ أحكام إعدام في حقهن من طرف طالبان، ويتوجهن إلى الرأي العام الدولي من أجل التدخل لإنقاذهن ومساعدتهن على مغادرة البلاد، قبل وقوع المحذور. المقال التالي، وهو للصحافية الكندية فاني بوسيير ماكنيكول، نشرته في الموقع الإخباري الإلكتروني الذي تعمل فيه "راديو كندا"، يرصد جانبا مهما جدا من تداعيات عودة طالبان إلى الحكم، ومآسي النساء القاضيات في أفغانستان، من خلال السيدة طيبة بارسا.. وهي قاضية أفغانية من ضمن 270 قاضية ممارِسة...
 
 
فاني بوسيير ماكنيكول
 
طيبة بارسا قاضية أفغانية منذ 10 سنوات، تشعر بمرارة أن طالبان يسيطرون على بلدها، إقليما بعد إقليم، بما في ذلك مسقط رأسها غازمي، تحس بالزمن يمر بسرعة، وتتوجس من فقدان كل شيء، بما في ذلك حياتها نفسها.
 
تقول القاضية بارسا بصوت هادئ، لكنه مشوب بالإعياء: "إن طالبان حين يستولون على السلطة في مكان ما، فإن أول ما يقومون به، هو فتح أبواب السجون، وإطلاق سراح السجناء المتعاطفين معهم"...
 
"النساء القاضيات، خائفات، ومرعوبات، فنحن نعرف أن طالبان يستهدفون بالأساس العسكريين، ثم قطاع العدالة.. ولقد حاكمْنا البعض منهم على جرائمهم، ويريدون الانتقام، دون نسيان أننا كنساء يعملن في مناصب حكومية، وخاصة في مناصب مسؤولية، نصبح أهدافا طبيعية لطالبان، الذين يرفضون هذه الحقوق للنساء"، تضيف القاضية.
 
القاضية بارسا، والتي تتحمل مسئولية التواصل داخل "جمعية النساء القاضيات في أفغانستان"، تؤكد وجود أكثر من 270 قاضية في البلاد، يمثّلن نسبة 11% في المهنة، ولتعيد إلى الأذهان جريمة إعدام قاضيتين في يناير 2021.
 
القاضية بارسا مقتنعة تماما بأن ما ينتظر مجموع القاضيات الأفغانيات، عندما تكمل طالبان سيطرتها على العاصمة كابول، التي التجأت إليها أغلب القاضيات، سيكون بمثابة الكارثة عليهن وعلى عائلاتهن.
 
فمنذ شهور، شكلت القاضيات الأفغانيات مجموعة تواصل في ما بينهن، بواسطة تطبيق خاص ومشفر، يتبادلن من خلاله هواجسهن، والتهديدات التي تلحق بهن، تهديدات كتابية وهاتفية وحتى شفوية مباشرة.
 
وتؤكد طيبة بارسا أنها نفسها كانت ضحية عمليات ترهيبية في قاعة المحكمة، وتخاف أن يزيد الأمر تعقيدا كونها من أصل أقلية الهازارا، المستهدفة تاريخيا من قمع طالبان.
 
وباعتبارها قاضية القسم التجاري لمحكمة الاستئناف بكابول، فإنها تجد نفسها في مواجهة العديد من رجال الأعمال الفاسدين، خلال السنوات الماضية، هؤلاء الأخيرين، لهم علاقات مباشرة مع طالبان، وقد حكمت على أعضاء من المافيا، ومن طالبان أنفسهم، تؤكد طيبة بارسا، وتقول: إنني في خطر، فحياتي مهددة، ولا حل لي إلا المغادرة كاختيار.
 
طيبة بارسا تؤكد أنها، وعلى مضض، ستفعل كل ما في وسعها لمغادرة البلاد. وتقول "إننا نحب بلدنا، لكننا إذا لم نغادر، سنموت أو نسجن"...
 
فلكي تستمر القاضية طيبة بارسا في الحياة، عليها أن أن تترك خلف ظهرها كل شيء، بما في ذلك كل ما أنجزته خلال العشر سنوات الأخيرة. "لا حل أمامنا غير المغادرة"، تؤكد بأسف شديد، وتضيف بكل أسى: "في السنوات العشرين الماضية، تمكنا من تذوق الديمقراطية وسيادة القانون وتطوير حقوق المرأة. سوف نفقد كل هذا التقدم. سنعود 100 عام إلى الوراء"...
 
لكن المغادرة، من السهل الكلام عنها، لكن تحقّقها مسألة باتت بعيدة المنال، خاصة بعدما أغلقت أغلب السفارات أبوابها، ففي هذه الظرفية، من الصعب الحصول على وثائق تسمح لهن بالمغادرة واللجوء إلى الخارج...

لهذا السبب، وجّهت النساء القاضيات الأفغانيات نداء عبر "الجمعية الدولية للنساء القاضيات" (IAWG)، التي تمثل 6500 قاضية في أكثر من 100 دولة، من أجل التدخل لدى كل الأطراف لإنقاذهن من مصير كارثي.
 
القاضية مونا لينش، المديرة الإقليمية لـ"الجمعية الدولية للنساء القاضيات" (IAWG) في أمريكا الشمالية
 
وقالت القاضية مونا لينش، المديرة الإقليمية لـIAWG في أمريكا الشمالية، إن القاضيات الأفغانيات أصبحن يخشين فقدان الاتصال ببقية العالم إذا أحكمت طالبان سيطرتها على كابول.
 
لقد ساهمت هؤلاء النساء الشجاعات لمدة 20 عامًا في الحفاظ على سيادة القانون والأمن والاستقرار في أفغانستان. واليوم، هن مهددات في حياتهم وسلامتهن الجسدية بسبب هذا العمل البنّاء الذي كن يقمن به...
 
في أفغانستان أكثر من 270 قاضية بمختلف محاكم البلاد قبل عودة طالبان