الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

من أجل أشتراكية القرن الواحد والعشرين ـ أربع فرضيات

 
إتيان باليبار*
ترجمة: حازم كويي
 
1- قدّم لينين، بناءً على بعض ملاحظات ماركس، وصفا للانتقال الثوري للدولة إلى اللا-دولة من خلال وحدة الأضداد، تمكنَ فيها من تحديد عملية متناقضة، عملية تعزيز سلطة الدولة من أجل تحطيم سلطة البرجوازية، والشروع للانتقال إلى المجتمع الشيوعي، وبالإشارة في ذلك الوقت إلى (مجالس السوفييتات)، أو مجالس العمال في جميع أنحاء أوروبا.
حتى لو لم يكن منطق لينين ساري المفعول، يمكننا أن نفترض أن فكرة الدولة ـ اللا-دولة تُشير إلى أساسيات وصعوبة كل انتقال لخلفيات هياكل الهيمنة الاجتماعية.
في جميع المراحل الثورية اللاحقة، ولكن أيضاً في تجارب التنشئة الاجتماعية في القرن العشرين، والتي لم تُشكل في الإطار الرأسمالي على هذا النحو، فإن مشكلة "الانتقال" تؤثر أيضاً على الوحدة المتناقضة للسوق ـ اللاـسوق. وبعبارة أخرى، فإن التقييد الدائم لاستقلالية السوق لصالح سياسة لا تجعل الرأسمالية تختفي، لكنها "تدفعها إلى الوراء".
وأخيراً، وفي سياق الكارثة البيئية الحالية، يجب أن نفكر أيضاً في التناقض بين الصناعة ـ اللاـصناعة، والذي يمكن أن نُسميه "انحطاط".
كل التناقضات المذكورة غير متكافئة، وهي تواجه السلطة بقوة مضادة وبممارسات وطرق مختلفة، وهي فرصة تكمُن فيها مجازفات التجارب الثورية.
 
2- مع ذلك، فإن التناقضات الثورية المذكورة ليست منفصلة أو مستقلة عن بعضها البعض. على سبيل المثال يمكننا أن نفترض أن السوق غير موجود بدون تدخل ودعم حكومي، والذي يجب أن يتم عن طريق التخطيط، الأمر الذي يتطلب، والمفترض مسبقاً، سلطةَ وتشريعاتٍ.
مثل هذا التخطيط ضروري للغاية إذا لم يكن القصد من التنظيم تسريع التنمية الصناعية، بل عقلنة المؤسسات، كي لا يؤدي إلى انهيار الظروف المعيشية، إضافة إلى ذلك، فإن تجارب التخطيط في القرن العشرين أثرت بالكاد على الهياكل المالية للاقتصاد الائتماني والنقدي، كما تتغير مشكلة الانتقال من المستوى الوطني إلى المستوى العالمي.
ولكن ما هي الأشكال المقابلة للمشاركة الديمقراطية أو التعبئة الجماهيرية؟
وكإجابة على السؤال، يمكن الإشارة إلى ذلك في فكرة "المجتمع المدني العالمي" من خلال شبكاته وحملاته التضامنية.
 
3- السياسة لا يمكن التنبؤ بها، ويُعتمد في ذلك على المواقف التي ترتبط فيها إجراءات مختلفة جداً لكل منها زمنه الخاص به، يمكن للنظرية، في أفضل الأحوال، وصف وتقييم الفاعلين الذين يساهمون في التغيير.
في نظرية اليوم، تم فهم هذه المشكلة على أنها واحدة من علاقات المصالح المختلفة وقرارات الهيمنة المختلفة، حيث ينسق كل منها هذه المصالح. هذه الفكرة ذات الدلالة الفارغة تعبر عن الشعبوية المأخوذة من القومية.
على أية حال، فإن السؤال الحقيقي لا يتعلق بالمصالح الاجتماعية فقط، ولكن أيضاً بطرق العمل السياسي، التي يجب أن يتشكل فيها المشروع الاشتراكي، بالإشارة إلى عناصر البرنامج، التنظيم، الانتفاضة، واليوتيبا.
وأود أن أوضح أن هذه الإجراءات تختلف نوعياً وفقاً لمستواها المحدد وشكلها المؤسسي و"مواضيعها".
 
4- من خلال القول إن الكارثة البيئية قد حدثت بالفعل بطريقة لا رجعة فيها، نقول وداعاً لفكرة معينة عن التقدم، وهي النسخة الأكثر ديناميكية التي تطورت منها الاشتراكية، ومع ذلك، فإن "السقوط" لا يختبر فكرة أن هناك تقدماً يجب إحرازهُ، ولكن فقط فكرة أن هذا التقدم يتناسبُ مع التطور الكلي، الذي يتزامنُ في النهاية مع مسار التأريخ نفسه.
ونحن مع ذلك لا نستبدل هذه الإيديولوجية بآلية الانهيار مما يؤدي إلى نهاية التاريخ كنسخة عدمية لما أتبعته الليبرالية بالنسبة للبعض.
وبدلاً من ذلك نطرح سؤلاً عن البدائل المتاحة في عملية سلبية لا يمكن توقيفها عند فكرة الانتصار النهائي للأسواق ذاتية التنظيم، لكنها يمكن أن تأخذ شكلاً أكثر أو أقل تهديداً.
إن إمكانية البديل تعتمد على ما إذا كانت السياسة العالمية سوف تميل، في السنوات القادمة، بهذا الشكل أو بآخر، إلى الاشتراكية، لأنه يعتمد على إعادة تنظيم المجتمعات وكذلك فرصة فرضِ أولويات أخرى غير زيادة وتعظيم الأرباح الرأسمالية.
هذا يعني أن التغيير المعتدل في العلاقة بين الناس والطبيعة يفترضُ تسريع التغيير في العلاقة بين الناس.
 
________________________________________
* إتيان باليبار: مفكر وفيلسوف ماركسي فرنسي، استاذ في العديد من الجامعات العالمية، وله العديد من المؤلفات.