الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

برهان كركوتلي.. رسام عالمي في صحافة المعارضة المغربية

 
عبد الرحيم التوراني
 
يعتبر برهان كركوتلي من أهم الفنانين العرب الذين كرسوا أعمالهم لدعم الثورة الفلسطينية.
في سنة 1993، حظيت بلقاء الفنان التشكيلي العظيم برهان كركوتلي في فرنكفورت، حضرنا معا مهرجانا فنيا حول الرقص في حوض البحر الأبيض المتوسط، نظمته طليقته الألمانية، وكانت تعمل من قبل سكرتيرة في مصرف ألماني. وتسكعنا في الأماسي ببارات وسط العاصمة الاقتصادية لألمانيا، وتناولنا العشاء في مطاعمها الراقية. كانت أحاديثنا كلها تقريبا حول إقامته بالمغرب وصداقاته مع محمد عابد الجابري ومحمد الفقيه البصري وعبد الرحمان اليوسفي ومحمد باهي وعلي يعتة وعبد السلام بورقية وعبد الله العياشي.
اتفقنا على أن يسافر برهان إلى المغرب من جديد بعد قطيعة ثلاثة عقود، وفكرت معه في العمل على تنظيم معرض خاص بأعماله الفنية يحتضنه أحد الأروقة بالرباط أو الدارالبيضاء. وقد سلمني كركوتلي رسائل خطية كتبها أمامي إلى بعض أصدقائه القدامى في المغرب، ومن بينهم محمد عابد الجابري، وخطاط جريدة "المحرر" أحمد الجوهري. وعرف عن برهان كركوتلي كتابته لرسائل فكرية وأدبية جميلة إلى أصدقائه.
***
في دمشق نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات، التقى برهان مع بعض الطلبة المغاربة الاتحاديين، الذين كانوا يتابعون دراساتهم في سوريا، ومن بينهم الطالب محمد عابد الجابري، الذي سافر لدراسة الرياضيات في دمشق، لكن المهدي بنبركة ألح على عودة الجابري إلى المغرب، فاستجاب ولم يكمل دراسته هناك، وعاد في نهاية العام الدراسي، بعد أن أقنع صديقه برهان كركوتلي بالمجيء إلى الدارالبيضاء للعمل في يومية "التحرير" مخرجاً صحافياً ورساما للكاريكاتير. وكان برهان يوقع رسوماته الساخرة بحرف [ب]. وبعد اطلاعه على المجال الفني في المغرب، أنجز دراسة مطولة حول الفن التشكيلي المغربي نُشرت بإحدى مطبوعات الحزب الشيوعي المغربي.
في عام 1967، عاد كركوتلي إلى دمشق واشتغل بالديكور في التلفزيون السوري، وعمل أستاذا بكلية الفنون الجميلة. ثم سافر إلى بيروت واشتغل بصحافتها.
في عام 1970 عاد إلى فرانكفورت في ألمانيا وعمل لوحات بالأبيض والأسود عن المقاومة وفلسطين، وفي عام 1980 رحل إلى المكسيك وأقام معارض عن القضية الفلسطينية ومناهضة الاستعمار.
في عام 1982 اشتغل حكواتياً في ألمانيا الغربية، يروي الحكايات الشعبية في الحفلات والنوادي الثقافية، حتى وفاته في بون.
إلى جانب ذلك، كتب برهان كركوتلي في النقد، كما لديه بعض الأعمال في النحت.
طُبعت لوحاته وتم تعميمها في البطاقات والأجندات والجداريات في أكثر من بلد أوروبي.
لما توفي، أصدرت المؤسسة العامة للبريد في سوريا طابعا بريديا عليه صورة برهان كركوتلي احتفاء بفنه وبنضاله وتخليدا لذكراه.
لكن الاهتمام به في المغرب يكاد يكون منعدما.