الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

"23 مارس".. حلم وذاكرة وأفق مفتوح

 
جليل طليمات
 
 
1- "23 مارس" حلم جيل بالثورة، بالتغيير الذي يجتثّ كل أسباب ومظاهر الطبقية والفساد والهيمنة على الخيرات والنفوس، حلم اتخذ أشكالا متنوعة من التعبير عنه والجهر به: من "الخلايا السرية للرفاق"، إلى القصيدة والأغنية والمسرحية والأقصوصة... إلخ، حيث تحولت الثورة إلى معشوقة يهون من أجلها كل شيء بما في ذلك الانتماء الطبقي "المريح"، معشوقة بلا عنوان ولا جنسية، معشوقة بلا ملامح واضحة في الأذهان ماعدا لونها الأحمر القاني.
 
2- "23 مارس" ذاكرة اليسار السبعيني المثقلة بآلام المخاض والولادة، وآلام تنكيل النظام، والمتعبة بكوابيس المطاردات والاعتقالات والسجون والمنافي ومحن الأمهات...، والمجروحة بخلافات الرفاق وانشقاقاتهم عند كل محطة... لكنها أيضا ذاكرة فخورة ومعتزة بدور اليسار الماركسي اللينيني في بناء ثقافة سياسية تستعصي على التدجين والاحتواء، وفي خلق وجدان نضالي مشترك ما زالت الأجيال تتوارثه منذ نصف قرن..
 
3- "23 مارس"، أيضا وأيضا، هي أفق مفتوح دائما على التجديد والانبعاث وعلى المراجعة والانطلاق بدينامية أقوى مادام هناك من يتشبثون بما هو خالد في تجربة اليسار: روحه وقيمه النضالية والأخلاقية الإنسانية السامية، وكذا مشروعية وراهنية ما ناضل من أجله: الحرية والكرامة والمساواة والدمقرطة للدولة والمجتمع...
 
وسيظل بلوغ هذا الأفق رهينا اليوم بوحدة صف اليساريين الديمقراطيين، التنظيمية والميدانية والبرنامجية، وبتجاوز مختلف الأعطاب، التي شلّت فعاليته، وكل النزعات الانحرافية عن تراثه وأخلاقه، والتحريفية لتوجهاته ومنطلقاته المبدئية... مهمة ليست بالسهلة أمام ميوعة المشهد الحزبي السياسي، الذي تتقاذف فيه قوى اليسار بين انتهازية تحت يافطة "الحداثة"، وبين شعبوية باسم مواجهة "الظلامية"، وبراغماتية فجة ضيقة الأفق باسم "الاستمرارية في ظل الاستقرار"، وانعزالية باسم "طهرانية وهمية"...
 
هذا حالنا الذي تحل فيه ذكرى انتفاضة 23 مارس 1965.. حال يستحق فعلا العودة بالذاكرة إلى المبادئ اللاحمة للصف، والموحدة للرؤية وللفعل وللوجدان...
 
وتحية رفاقية لكل رفاق دربي الطويل.. على اختلاف مواقعهم الحالية، ومآلاتهم "النضالية"...