الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

ترانيم الشاعر محمد السكتاوي في ذكرى عريسي الشهداء المهدي بنبركة وتشي غيڤارا

 
29 أكتوبر 1965
يُختطف المهدي بنبركة
من مقهى ليب بباريس
في 09 أكتوبر 1967
يُغتال تشي غيفارا في مدرسة قروية
في ريف بوليڤيا
هاهُما معا يعودان اليوم
 
 
 
محمد السكتاوي
 
منذ يوم خريفي شاحب
داخل مقهى بزاوية ساحة صغيرة
لم يبرح الوقت مكانه
ظل ينتظر عودة شخصا ما
والمرآة التي أمامه
تنعكس فيها وجوه كثيرة
لقتلة ومجرمين وقوادين
وتتحول إلى صورة جنرال مغربي
يعتمر قبعة بينوشيه
وعلى صدره نايشين جماجم
في منزل ريفي قريب من نهر السين
فنجان شاي وسكين
وسجائر تحترق على خشب المائدة
المهدِيُّ متعبٌ مشدود إلى كرسي
وجريدة لوموند ملقاة فوق البَلاطِ
كان وحيدا في القاعة الفارغة
يسمع فحيح الموت
ولا يرى غير الخوذات الحديدية
عند الفجر كان المهدي
ممددا على طاولة تشريح
يمسك بوردة الأبدية
ويفسِح الطريق إلى الربيع
والجنرال بجانبه
يحتسي الويسكي ممزوجا بالدم
ويلتقط صور الجسد الممزق
لم يدر أن كابوس ليله قد بدأ
تحسس ظهره كان مخرما بالرصاص
بعد سنتين في خريف آخر
رجلٌ مغلول الأطراف بوثاق
في أدغال بوليڤيا
يشير بإصبعه إلى جندي مرتعد
في يده ترتجف بندقية
ويقول مبتسما: كن هادئا..
إنك ستقتل رجلا
سقط غيڤارا
كان عاري الصدر مفتوح العينين
مسجى كالمسيح في غرفة مدرسة قروية
اِلْتَفَّ حوله الجند
يأخذون صورة للذكرى
وراهب على بغلته يبكي
ويتلو ترانيم صلاة الموتى
طوى الوقت ستين عاما وأكثر
لم يتعبه الانتظار
وها هما يعودان اليوم
والثقب الأسود يكشف أسراره
العالم يراهما معا
يعبران الأرض والسحاب والسماء
ويسكنان في المطر والماء
وأحلام الأطفال وكل الناس