الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

مندوب المقاومة.. نموذج "حكامة" التدبير باللهطة والشراهة والهوس بالتعويضات والمأكولات!

 
لا أدري كيف كلما تطلعت إلى هيئة المندوب الاتحادي مصطفى الكثيري، بحركاته وعينيه اللتين تجهضان وطريقة نطقه، إلا وتبادرت إلى الذهن صورة ذلك الفقيه، الذي يقصد البيوت، في الأعراس وفي المآتم، يتلو ويستظهر وعيناه لا ترسوان على بر، إلى أن تتجهّز المائدة، فيفترس، ويفترس حتى لتسأل أين يخزّن كل هذا في البطن، وعندما ينتهي، يتلمّظ أصابع يديه بلذة واشتهاء دون اكتفاء...
 
ذلك ما يجري، عمليا، في المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، التي لم يعد لها من شاغل غير إشهار المسؤولين بها، وعلى رأسهم المندوب السامي الاتحادي مصطفى الكثيري...
 
فما أن قرر المغرب، بداية يونيو المنصرم، الشروع في تخفيف الإجراءات الاحترازية في ظل تقدم عملية التلقيح الوطنية، حتى قرر "الفقيه" مصطفى الكثيري، بسرعة قصوى ودون انتظار، استئناف جولاته المكوكية، فخطط وبرمج وانطلق إلى التنفيذ برحلة إلى العرائش وأصيلا، خلال الأسبوع الثاني من شهر يونيو، ضاربا عرض الحائط التوجيهات الملكية بالحد من الأنشطة التواصلية في أجواء التحضير للانتخابات. ثم أردفها بجولة مماثلة قام بها إلى الدارالبيضاء يوم الجمعة 18 يونيو 2021..
 
وبعدها واصل هذا المسلسل السياحي الولائمي بنشاط آخر في مدينة الدارالبيضاء، وهو في أصله نشاط حزبي عمل له التغطية اللازمة لإنجازه في مقر المندوبية الجهوية للمقاومة وجيش التحرير بالحي المحمدي، حيث قام بتنظيم لقاء اعتبَرهُ تأبينا للاتحادي سعد الله صالح، يوم 25 يونيو 2021، ودعا إليه قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو الحزب الذي يتغطى به في تجاوزاته ويستأسد به على ضحاياه، وقد بحث، خلال تنظيم اللقاء، عمن يتكرم عليه وضيوفه بالمآدب والولائم كالعادة، حتى تكتمل الاستفادة، لأنه في كل لقاء وكل سفرة وكل تنقل يحصحص التعويضات عن التنقل والأكل...
 
لا يكف "الفقيه" السامي عن افتعال الذرائع للقيام برحلات خارج الرباط، متجولا في الأقاليم، طمعا في التعويضات الدسمة، التي يتلقاها بدون انقطاع عن المهام الفعلية أو الإسمية، وطمعا في المآدب، التي لا يكلّ من حضورها في بيوت المقاومين وأبنائهم وذويهم وفي بيوت الخواص، طمعا في المأكولات، التي يعشقها بلهفة فريدة من نوعها، فهو الشخص الذي حطّم الرقم القياسي في التردد على بيوت الغير، في غالب الأحيان بمبادرة منه، طمعا في المآدب والزرود، حتى أسماه البعض "الطفيلي"، كناية عن هوسه بالولائم. كما يبحث عن كل ذريعة للقيام بأسفار للخارج، طمعا في التعويضات وكذلك التعويضات ثم التعويضات والتجول، وأقصرها يدوم أسبوعا...
 
وبالرغم من إصرار الإدارة الترابية على الحد من هذه الأنشطة في هذا الظرف الصحي المرتبط بالحالة الوبائية لكوفيد-19، والظرف السياسي المرتبط بالتحضير للانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية، يعاند المندوب السامي الجميع، ويصمّم على جولاته السياحية الولائمية، كما يُلزم الموظفين بالقيام بأنشطة مصورة بما يسميه فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، دون توفير وسائل الوقاية، ودون احترام للقرار الرسمي بالاشتغال عن بعد، وعدم الاختلاط، احتراما للإجراءات الاحترازية، التي يبدو أن المندوب الاتحادي أعفى نفسه منها...
 
وفي هذا الصدد، طلب عامل إقليم سيدي إفني، بحزم، من المندوب الاتحادي مصطفى الكثيري عدم القدوم إلى الإقليم، وأمر بعدم تنظيم أي احتفال بذكرى استرجاع سيدي إفني يوم 30 يونيو 2021، والاكتفاء بالمراسيم المتعلقة بتحية العلم، وذلك احتراما للتوجيهات الملكية... لكن المندوب، الذي يستقوي بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للإمعان في تجاوزاته، عاند الأمر العاملي، وطلب من نائب المندوبية السامية بسيدي إفني تجميع المقاومين بمقر النيابة، وأرسل إليهم مسؤوليْن من المصالح المركزية بالرباط، ألقى أحدهما إنشاء خطابيا باسم المندوب السامي، الذي يبدو أنه متحسّر على حرمانه من جولة، بهذه المناسبة، يلبي فيها ما تشتهي النفس من تعويضات ومأكولات في ضيافة مقاومي سيدي إفني.
 
وتجري هذه الجولات السياحية الولائمية في أجواء عدم الاهتمام بقضايا ما تبقى من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وأراملهم، رغم أن هذا هو الدور الرئيسي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير. فالمندوب السامي لا يقوم إلا بتلاوة كلمات مملة، ومكرورة، حتى أصبحت كلمات ممجوجة ومكروهة، يلقيها باسم تخليد الذكريات التاريخية واللقاءات التواصلية، التي تعتبر قناعا يخفي به سعيه المهووس نحو تحصيل التعويضات عن التنقل دون انقطاع، والتمتع بالمآدب وإشباع لهفته إلى الأكل.
 
والعجيب أن هذه العادة، اللهفة واللهطة والشراهة للأكل، انتقلت إلى المسؤولين، الذين يعملون تحت إمرة "الفقيه" الاتحادي الكثيري.
 
وكمثال على تحول الإدارة، حتى في الأقاليم، إلى مجرد نادي لا يقدم خدمات، غير التظاهر بالوجود للمحافظة على الإدارة، وصرف ميزانيتها على أسفار الكثيري وتعويضاته، نجد ذلك الفيديو، الذي تداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أيام، يظهر فيه النائب الجهوي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بكلميم، في جلسة تجزية وقت ومسامرة في صالون بمقر النيابة الجهوية للمندوبية السامية للمقاومة.
 
ومن الغرائب أن المفترض أن تتوفر الإدارات على مكاتب وقاعات للاجتماعات وقاعات للأرشيف، وليس صالونات لاحتساء الشاي وغير الشاي، وتناول ما لذ وطاب من الأطعمة. وفوق هذا، فلماذا الاجتماعات، في هذا الوقت بالذات، بينما تخفيف التدابير الاحترازية كان جزئيا فقط ولم يتم رفعها كليا؟ رغم توجيه المسؤولين مركزيا ومحليا بعدم القيام بأي مهرجان أو تجمع أو لقاء تواصلي! بل حتى الملك نفسه، انضبط للتدابير الاحترازية، وقرر تعليق كل الأنشطة والاحتفالات والمراسيم التي تترافق مع عيد العرش، فيما الفقيه الاتحادي مصطفى الكثيري "عينيه غيخرجو" على التعويضات والمأكولات!!!
 
وعلى ذكر هذا النائب الجهوي بكلميم، فقد شغّل موظفا متقاعدا من أسلاك الإدارة في مهمة جديدة للقيام بعون حراسة. ولأن هذا الرجل تجاوز السن القانونية للعمل، فقد تم التصريح للشركة المتعاقد معها بالقيام بالحراسة في إطار المناولة مع بنت المستفيد، لكنه يشتغل بدلها، ويقوم بسياقة سيارة المصلحة التابعة للمندوبية السامية للمقاومة، رغم وجود مذكرة للمندوب السامي تمنع على باقي الموظفين سياقة سيارات المصلحة، عدا المسؤولين المسلمة لهم في أطار أمر بالمهمة. كما أن نفس السيارة تُستعمل في الأغراض العائلية وليس الإدارية، ومنها حمل بنتيه إلى المدرسة وإرجاعهما منها، وحملهما لقاعة تداريب رياضية وإرجاعهما منها، واستعمالها في التبضع المنزلي... فأين هو القانون وأين هي الوطنية والمواطنة الإيجابية، التي يتشدق بها المندوب الاتحادي الكثيري؟ فالسيارة ملك للإدارة تخصص للأغراض الإدارية، وليس الشخصية أو العائلية، ويسوقها المسؤول عنها. وهذا مجرد مثال، فيما هناك أمثلة كثيرة جدا عن تجاوزات وملفات أخرى سنعرض لها تباعا عما يجري مركزيا وإقليميا...
 
وبمناسبة ذكرى طريق الوحدة، التي صادفت يوم الاثنين 5 يوليوز 2021، تدخل المندوب السامي مصطفى الكثيري، من جديد، لدى عامل إقليم تاونات، سعيا وراء تنظيم بهرجة تنتهي بوليمية وهدايا، وتحصيل التعويضات كالعادة، لكن عامل تاونات كان يقظا، فرفض استقبال الكثيري ومنعه من إقامه بهرجته. وهو الشيء الذي سيثير استياء الكثيري، بسبب حرمانه من مناسبة لاستخلاص تعويضات دسمة، عن النقل، وعن الأكل في بيوت الناس...
 
وللترويح عن النفس بعد الصفعة التي تلقاها من عامل إقليم تاونات، قام الكثيري، في ذلك اليوم، يوم 5 يوليوز 2021، بتنظيم ندوة بمقر المندوبية السامية للمقاومة بالرباط، فلم يحضرها أي مشارك من المدعوين، وبعضهم اكتفى بإرسال ورقته، فقام بتلاوتها رئيس مصلحة النشر والتوزيع بالمندوبية السامية للمقاومة، الذي كان هو الوحيد الجالس في المنصة الفارغة مع رئيسه مصطفى الكثيري، الذي شعر بالإهانة وقال ما قال...
 
ويخطط الكثيري للقيام بزيارة أخرى للداخلة، يوم 14 غشت 2021، بمناسبة تخليد ذكرى استرجاع وادي الذهب. ومن الداخلة، سيتوجه إلى مراكش، يوم 15 غشت 2021، لإحياء ذكرى مظاهرة 15 غشت 1953، ومن هناك إلى وجدة وبركان يومي 16 و17 غشت لإحياء ذكرى انتفاضة 16 غشت 1953 بوجدة، ويوم 19 غشت سيتوجه إلى وادي زم لإحياء ذكرى 20 غشت 1955... وكل هذا رغم التوجيهات الملكية والقرارات الحكومية بتفادي القيام بأنشطة رسمية في هذا الظرف المتسم بالانتشار المهول للوباء، مما يتطلب من السطات المغربية توجيه تحذير شديد اللهجة لمندوب ملهوط على التعويضات والمأكولات، حتى يرعوي ويكفّ عن تنقلاته، في هذه الفترة الدقيقة، التي تمر منها البلاد... فهو المسؤول الوحيد في الإدارة المغربية من يلجأ إلى هذه الأساليب. وهو المسؤول الوحيد الذي رفض التقيد بتدابير حالة الطوارئ الصحية، والذي أمر رؤساء المصالح والأقسام بعدم استلام الشهادات الطبية، كما رفض الترخيص لذوي الأمراض المزمنة بالتغيب أو العمل عن بعد... مما يطرح الكثير من علامات استفهام حول موقف رئيس هذا المندوب الاتحادي، وهو رئيس الحكومة الإخواني، الذي يغض عنه النظر، في وقت كان لزاما أن يطرده شر طردة، ويعيد النظر في وجود المندوبية أساسا، التي يفترض، لتخفيف العبء الإداري، أن يجري إلغاؤها كليا، وتحويل ملفاتها إلى الأعمال الاجتماعية، أما الوظيفة الأدبية للمندوبية فقد أضحت في حالة تنافٍ مع مؤسسات عمومية أخرى، تُعنى بالذاكرة والتاريخ؟! وهذا ما سنعود إليه في مقال مقبل...