الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

إلى نبيلة منيب بكل الوضوح الممكن: أتضامن معك ولست معك ولا مع غيرك وطالما وقفت ضدك

 
عزيز حميد
 
 
ليست لي أية مصلحة.. لا معك ولا مع غيرك.. ولست عضوا في أية كتيبة حزبية مناضلة أو مهادنة.. ولا أدعي فهما دقيقا لتفاصيل الخلافات التي نشبت هكذا دفعة واحدة بين رفاق الأمس..
 
أحيانا كثيرة.. وقفت ضدك في تصريحات وقرارات لم أستسغها ربما لجهلي بخارطة الألغام التي تملأ ساحة الصراع بين التيارات والزعامات.. أو لفرط حريتي وراحتي في الانتقاد عن بعد.. كما يفعل غيري ممن تحللوا من أي حضور منظم ومسؤول..
 
ومع ذلك.. كنت ومازلت أراك واحدة من أشرف النساء المغربيات.. بأخطائك وعثراتك وانفعالاتك.. وحضورك الدائم والداعم لنضالات مختلف شرائح الشعب المغربي.. كنتِ وستظلين بالنسبة للكثيرين واحدة من أيقونات اليسار التائه.. وقد خلقت لبعضه إشعاعا ومساحات من الضوء في أحلك الظروف..
 
ربما لأنني أمج تقديس الزعماء والقادة... لم أضع في أي يوم صورة لأحدهم على حائطي إلا في سياق حدث ما يفرض نفسه.. لذلك لن تجدي أية صورة لك على حائطي.. بل لن تجدي سطرا واحدا في الحديث عن حضورك سلبا أو إيجابا..
 
وحين حدث الذي حدث.. وخرج إلينا رذاذ البارود الذي نالك منه النصيب الأوفر.. تأكد لنا ما كنا نخشاه.. ورأينا كيف يمكن أن يتحول التقدير فجأة إلى نقيضه في المنعرجات.. وكيف يسمح البعض لنفسه أن ينهش "لحم رفيقه حيا".. بدعوى أنه حارس للديمقراطية.. أو سفير فوق العادة للثبات على "الحق".. جعلوا منك ديكتاتورية متسلطة.. عاشقة للفرقة والشتات.. وجعلوا من أنفسهم.. هكذا دون مقدمات.. فرسان الوحدة وملائكة التوحيد..
 
لدي علاقات وصداقات كثيرة مع بعض الذين قرروا الهجرة الجماعية إلى واحات الديمقراطية التي اكتشفوها بالصدفة.. سأبقى وفيا لها.. مقدرا لعطاءاتهم.. وهذا ربما ما يدفعني إلى توجيه العتاب لهم دون تحفظ.. عتاب على أسلوبهم لا على أفكارهم.. لأني مازلت مصرا على أن المناضل الديمقراطي ليس بنمام ولا شتام.. وأن أسلوبه في تصريف اختلافاته هو ما يحدث الفارق مع غيره.. وأن من يتنكر لتاريخ غيره يسهل عليه التنكر لتاريخه..
 
الخلل في الصورة.. أن من مارس حقه في تقدير الموقف وقرر مغادرة السفينة.. استرخص حق غيره في المقاومة.. واختار مساعدة العاصفة.. سيل من الشتائم.. وطوفان من السخرية السوداء.. واكبت عملية الخروج.. صار معها كل من تمسكوا بمواقعهم مجرد قطعان تقودها امرأة حديدية.. لا يفقهون ولا يدركون شيئا من أبجديات الطموح اليساري.. وفيهم شخصيات ليس في تاريخها الطويل غير هذا الطموح.. مما يؤكد أن طاحونة الهجوم المنظم كانت معدة سلفا.. بطريقة تجعلها أسرع وأنجع في التهام "الخصوم"..
 
لهذا.. ولأشياء أخرى كثيرة ليس هنا مجال الخوض فيها.. أعلن عن كامل التضامن مع شخص الدكتورة نبيلة منيب.. دون أن يعني ذلك الاتفاق معها في كل شيء.. ودون أي اعتراض على من ينتقدون أسلوبها في التدبير من موقع المسؤولية التنظيمية والأخلاقية..
 
فمعذرة لكل من اختلفوا على قاعدة الانتماء للفكرة لا للأشخاص.. وطوبى لمن راهنوا على أخلاقهم النضالية.. وعلى أن البدايات صعبة.. وأن غيمة الصدمة ستنجلي بعد حين.. ولنا لقاء بعد ذلك لنرى حجم المنجز في مشروع لم تكتمل صورته.. لكن بعضهم حوّلوه قبلة لا تجوز عبادة بغيرها..