الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

من جيل لجيل.. المغاربة يواصلون مسيرة الوحدة والديمقراطية

 
مسعود بوعيش
 
بمناسبة مرور 45 سنة على توقيع اتفاقية مدريد يوم 14 نونبر 1975 التي التزمت بموجبها الدولة الإسبانية الاستعمارية مغادرة الصحراء المغربية...
* نحن الجيل الذي عايش بداية المسيرة الشعبية لاسترجاع أقاليمنا الجنوبية (1975) التي كانت ترزح تحت الاحتلال الإسباني، قادرون على المقارنة والتمييز بين تحديات الأمس واليوم في الموضوع.
* نحن الجيل، الذي انخرط وشارك في التعبئة الوطنية وعايش مختلف التطورات التي عرفها الملف داخل المحافل الدولية، سواء داخل منظمة دول عدم الانحياز أو مجلس الأمن واللجنة الرابعة وداخل منظمة الوحدة الإفريقية، قادرون على مقارنة حجم المكتسبات والتضحيات ومختلف المجهودات التي بذلت لإقناع العالم بعدالة قضيتنا..
* نحن الجيل الذي جرى تحت أنظارنا توديع الأهل والأحباب وهم يركبون الشاحنات والحافلات والقطارات للمشاركة في المسيرة إلى الصحراء المغربية..
* نحن الجيل الشاهد على جزء من تاريخ استكمال تحرير أجزاء من وطننا... نحن الجيل الشاهد على مثول الراحل الشيخ خاطري ولد اسعيد الجماني رئيس الجماعة الصحراوية، الذي مثل بين يدي ملك المغرب آنذاك جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، ليجدد له باسم المنتخبين الصحراويين بيعته، تابعنا عبر وسائل الإعلام نقل مراسيم اللقاء بالقصر الملكي بأكادير بعد انطلاق المسيرة الخضراء...
* نحن الجيل الشاهد على حضور شيوخ قبائل جهة وادي الذهب والداخلة إلى الرباط يوم 14 غشت 1979، الذين نصبوا الخيام في رحاب صومعة حسان بجانب ضريح الملك محمد الخامس طيب الله ثراه... لتجديد البيعة وتأكيد مغربيتهم...
* نحن الجيل الذي فوجئ واستغرب آنذاك لموقف الحكم الجزائري المنحاز إلى الأطروحة الإسبانية الاستعمارية التي تذكي نزوعات الانفصال التي غررت بجزء من الشباب الصحراوي إلى الخروج عن الجماعة والانزلاق إلى مصائد الانفصال وإيديولوجيته...
* نحن الجيل الشاهد على تاريخ النزاع مع الجيران، الشاهد على إقدام السلطات الجزائرية -بعد نجاح المسيرة الخضراء- على ترحيل آلاف المغاربة العزل المقيمين بالجزائر... كان ذلك في شهر دجنبر 1975... قامت السلطات أثناء الليل بتجميعهم في الشاحنات العسكرية في اتجاه مدينة وجدة، تاركين وراءهم أمتعتهم وممتلاكتهم.. تاركين وراءهم أضاحي العيد معلقة... حاملين معهم سؤال: لماذا يجري كل هذا؟ لماذا هذا الانتقام والحقد؟؟؟
* نحن الجيل الذي عايش الصعوبات والتحديات وعرف خلالها الأصدقاء والخصوم، وعاش تداعيات الاعتداءات على بلدنا، وعايش ظروف وشروط مسلسل المفاوضات ووقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ منذ 1991 تحت إشراف الأمم المتحدة، والتي شكلت لهذا الغرض آليات أممية معتادة لمتابعة مدى احترام الأطراف المعنية لتعاقداتها وإخبار المنتظم الدولي بنتائج المراقبة والمتابعة عبر تقرير سنوي ينظر فيه مجلس الأمن ويغنيه بالتوصيات والدعوات والتوجيهات المتوافق حولها على طريق البحث عن الحلول السياسية السلمية القابلة للتطبيق والدائمة للعيش المشترك في مناخ يطبعه السلم والأمن والاستقرار.
* نحن الجيل الذي عايش عودة أغلب القيادات المناضلة ضد الاحتلال الإسباني المؤسسة لجبهة البوليساريو إلى وطنها المغرب بعد أن فطنت لأطماع الدول، وراجعت طواعية مواقفها ورؤيتها لطبيعة النزاع، واختارت طي صفحة الانفصال وبداية كتابة صفحات العودة إلى أهلهم وأرضهم المغربية ليشاركوا في مسلسل بناء مرحلة ما بعد الاستعمار الإسباني للمنطقة الجنوبية للمغرب، وما بعد استكمال بناء المنظومة الدفاعية على طول الحدود المغربية الحقة الجنوبية الشرقية مع الجزائر والجنوبية مع موريتانيا...
* لقد كرست التقارير والتوصيات الأممية المتواصلة رؤية الحل السياسي الواقعي والدائم، منطلقه سلمي وأفقه سلمي، يعني أن الخيارات العسكرية تم طي صفحاتها منذ 29 سنة بالاتفاق على مخطط السلام سنة 1991.. ومهما يكن تقديرنا لدرجة تجاوب دول الجوار فإن إغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر منذ صيف 1994 لم يساعد على التعاون المثمر وتنظيم التواصل بين الدول المغاربية الخمس، وبالتالي المساهمة الفعالة في حل النزاع المفتعل...
* من الطبيعي والمنطقي أن نشعر اليوم (14 نونبر 2020) بالاعتزاز والافتخار بما حققه شعبنا بفضل تضحيات وصمود أبنائه وبناته والانخراط الطوعي وتماسك كل مكوناته، وانزياحها الجماعي إلى جعل القضية الوطنية على رأس الأولويات دفاعا عن الكرامة والاستقلال والسيادة وحسن الجوار...
* إن ما يثلج الصدر اليوم، ويعزز الانتماء والثقة في الحاضر وما يحبل به من قدرات لمواجهة التحديات الجديدة في ظرفية دولية جديدة، هو أن الجيل الجديد في مستوى مواصلة الرسالة من جيل لجيل والاستمرار والمشاركة الواعية في تجلياتها الجديدة لبناء ما تبقى من اللبنات التي ترسخ المكتسبات وتعزز الخطوات في اتجاه دمقرطة البرامج التنموية وصيانة الوحدة الترابية للمغرب...
 
فاعل حقوقي