الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

أحمد المرادي: في أفق المعرض الدولي للنشر والكتاب.. التغيير دون تغيير

 
أحمد المرادي
 
استهلال
 
هل هي سفسطائية في قولنا بالتغيير دون تغيير؟ والجواب نعم، من الممكن أن يكون قولنا سفسطائيا، لأن الواقع والوقائع، الأحداث والتشابكات والقرارات والارتباطات، أدوات "الحوكمة" والتدبير...، قد عرفت تغييرات مهمة، لكن دار لقمان ما زالت على حالها، رغم التغييرات، التي حصلت على كل المستويات.
كل الفاعلين كانوا ينتظرون تغييرات مهمة ليكون للمغرب معرض دولي للنشر والكتاب في مستوى عالمي.
 
والسؤال هل تمت الاستجابة، عبر التغييرات، للفاعلين من كتاب وناشرين ومطبعيين وموزعين ومكتبيين وفي نهاية السلسلة القراء؟
 
الجواب، من خلال معرفتي الدقيقة لوضع صناعة الكتاب بالمغرب وبدون تردد: لا. لأن:
 
- الكُتَّاب بكل مستوياتهم، الحقيقيين والمدَّعين، كما المبدعين والكتبة وأصحاب المعرفة وأصحاب التعلُّمات، لا يتوقّفون عن الشكوى في ما يتعلق بحقوقهم.
 
- الناشرين، بمختلف فئاتهم، من تجار سلعة اسمها الكتاب، إلى أصحاب مشروع ثقافي في صيغة تجارية، وما بينها من مواقع ومواقف دامجة لهذا وذاك.
 
- المطْبعيين الذين يعانون الأمرَّين من مستوردي الورق، التي هي تجارة في غالبها قطاع غير مهيكل، لا يخضع لنظام الفوترة إلا في ما ندر.
 
- الموزّعين المكتوين بنار أسعار النقل، في الوقت الذي استفادت شركات نقل السلع والبضائع من كل أشكال الدعم على المحروقات ودعم وباء كورونا، بالإضافة إلى مستوى تكوين العاملين قي قطاع النقل، وضعف الضمانات وغياب التأمين، رغم أنه من المفروض أن نقل الكتاب يخضع لقانون يعفيه من ضرائب محددة ويجعله سلعة مختلفة بطبيعة رسالته.
 
- المكتبيين الذين تحولوا، شيئا فشيئا، إلى باعة لكل شيء حيث توارى الكتاب وراء السلع الأخرى، حتى لم يعد له وجود لدى بعضهم، أو أكشاك تبيع الكتب جنب الجرائد والمجلات، قانونية ومزورة دون رادع ودون رقابة، باستثناء بعض المكتبات الكبرى القابضة على الجمر، والتي تعمل ضمن شروط قانونية وضرائبية قاتلة لكل تطور، وبمنافسة مفترسة لمقرصني الكتب الذين يعملون في واضحة النهار دون مواجهة حقيقية لهذه الآفة المميتة للقطاع.
 
ولعل غياب التخصص والمعيارية في هذا القطاع بالضبط هو ما يجعله يتخبط في مشاكل لا حصر لها، بل ولا حل لها على المدى القصير.
 
- القراء وهم الحلقة الأضعف في سلسلة "صناعة الكتاب"، على قِلَّتهم وباختلاف مستوياتهم، وأهدافهم من القراءة.
 
لن أتكلم عن دور الإعلام في هذا المجال، فالوضع كارثي بكل المقاييس، ويخضع لمنظومة الشبكية المعلومة ولن ترى كتابا إلا من خلال العلاقات الخاصة وتعليمات الهواتف.
 
سبق لي أن أشرت، في استجواب ذات زمن، أن المغرب يستحق معرضا دوليا للنشر والكتاب في مستوى عالمي، نظرا للعديد من المؤهلات التي يتوفر عليها، لكن الحوكمة معطلة وتخضع لحسابات صغيرة جدا في هذا القطاع، وقد حاول الوزير محمد أمين الصبيحي تغيير الأمور، للأسف تآمرت عليه لوبيات الكتاب، ولوبيات الناشرين، ولوبي الإدارة، ليضعوه في مواجهة مباشرة مع واقع موبوء!