الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

معنى الانتصار.. أننا قلنا بِمِلْء حناجرنا "لا" لتعطيل الدستور وتوريط العدالة وتهريب القانون

 
عزيز رويبح
 
 
نحن المحامون والمحاميات، لا نملك جيوشا ولا أسلحة ولا قوات أمن مدربة..
لا نملك قوة إكراه مشروع، ولا نخبة تلحس الأرض التي يمرر عليها الفلس، ولا بعض صحافة جوفاء مسخرة منحطة تخلط بين الحقيقة والمجاز وتغض الطرف عن الفعل والخبر وعن الاستثناء في وطن كبير ما زال فيه الكثير من الأمل...
نحن ليست لنا مناصب ولا امتيازات ولا أرصدة مشبوهة ولا ولاءات مصطنعة ولا أجندات تصاغ في الظلام...
نحن المحامون والمحاميات، لسنا الأقوى طبعا، ولكننا في لحظة الشدة والردة نكون الأشد حرصا والأكثر ذوذًا وغيرةً على الحق والحرية، نمسك بكل حيز ضوء في بلدنا ودستورنا ومؤسساتنا ومملكتنا ومكاسبنا وتاريخنا لنقول بكل بساطة "لا"...
العدالة نحن حماتها وروادها وحراس أمنها مهما كلفت المواقف من ثمن، فمن أجلها نناضل ونختلف ونبادر ونتوحد ونختار الطريق، ومن أجلها نتحمل ضربات وجبن الزميل الصديق والرفيق والجناح اللصيق...
نحن أمة قانون وحق لا نخفظ جناح الذل لأحد إلا للوطن للعدالة الحقة إن وجدت، ولقيم العز والكرامة...
نسحب عند الضرورة سلاحنا من غمده المرصع بالشرف والإباء وحب الوطن ونواجه به لحظات الانفلات والزيغ والتيه والعبث، ليس من أجلنا فحسب، ولكن لنعيد للتاريخ اعتباره وللوطن قيمه وللمستقبل معناه وللقانون والمؤسسات مضامينها...
نحن لسنا في حرب مع أحد كما يحاول أن يُظهر بعض تجار الأزمات!
ولسنا في عناد جامح دون أفق ولا ضوابط!
بل نحن من صلب وقلب هذا الوطن لا نرضى إلا بفصل السلط لا بتسلطها، وبدمقرطتها لا بالتباسها واختلاطها، ونريدها تماما كما فصلت في الدستور ديباجة وروحا ونصا...
لا نريد الانتصار على أحد فلسنا هواة فرجة ولا قواعد عشيرة!
نحن محامون ومحاميات نريد للدستور والقانون أن ينتصر وأن تبقى العدالة في حيادها وفي موقعها الطبيعي ملاذا للجميع دون استثناء، وأن نبقى نحن أحرارا مستقلين إلا عن هموم الوطن...
أكبر انتصار أن يسجل التاريخ أننا قلنا بِمِلْء حناجرنا "لا" لتعطيل الدستور وتوريط العدالة وتهريب القانون...
أكبر انتصار أننا رأينا بعيوننا آلاف الشباب لم تطوعهم ظروف العمل ولا غربان التيئيس والتمييع، فكانوا في الموعد قوة معطاءة ومعبرة عن هموم مختلف أجيال الدفاع...
أكبر انتصار أننا وضعنا الانتصار، انتصار الوطن والكرامة والدستور والقانون وحماة العدل، نصب أعيننا، ومن أجله سنستمر...