الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

هذا هو الوجه الآخر للساسي.. وهو الوجه الوحيد الذي يمكن للتأريخ أن يتذكره به

 
حميد باها
 
 
محمد الساسي محترف انشقاقات، وأهم إنجازات في العمل الحزبي يمكنه أن يدعيها لنفسه هي تمكنه، في كل مرة، من تشكيل مجموعة ما تتحلق حوله، وما لم يستطع فرضها كأغلبية وفقا لقواعد الديمقراطية، يتحول إلى قوة مدمّرة تحاكي أبطال أفلام الكارطون... وهي ملخص قصته مع الاتحاد الاشتراكي، ثم اليسار الاشتراكي الموحد، ثم الحزب الاشتراكي الموحد...
 
عبد الرحمان اليوسفي كان أول من فطن إلى نزوعه التدميري ذاك، واضطر لأن ينزع كل القفازات معه عبر الجملة الشهيرة: "أرض الله واسعة"، التي ربما نسي الكثيرون أن المقصود بها حينئذ هو محمد الساسي..
 
والغريب أنه بمجرد الخروج من بوابة المؤتمر السادس، ودّع حليفه نوبير الأموي، وجاء الدور هذه المرة على الاشتراكي الموحد ليكتوي بناره التدميرية...
 
الساسي ربما سينتشي، الآن، أيما انتشاء بتوريط شباب في مقتبل العمر في معركة ليس لها من غاية سوى اتخاذهم حطبا لمشروعه الانشقاقي المتكرر، متناسيا أن "ح.ش.د.ت" ذاكرة. وهو ليس له أي رصيد في تشكّلها، ولا هو شارك في شيء مع الأجيال المؤسسة لها، وأنه لم يساهم بشيء في تاريخها، ومع أول مرة تمكن من السيطرة على بعض مكتبها، قرر أن يوظفها في الانشقاق ويستعملها لإرضاء نزعته الانشقاقية، ولا أستبعد شخصيا أن يكون هو َنفسه من صاغ بيان الانشقاق باسمها، في محاولة يائسة لفصلها عن تاريخها بعناوين زائفة يحاول التعتيم بها عن الانشقاق الجديد الذي يقوده، طبعا في انتظار انشقاق آخر... ما لم يمنعه من ذلك تقدّمه في السن.
 
هذا هو الوجه الآخر لمحمد الساسي، وهو الوجه الوحيد الذي يمكن للتأريخ أن يتذكره به...