الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

قصة نجاح في القضاء على الفقر.. 100 عام من الشيوعية تقود شي جين بينغ إلى "المعجزة الصينية"

100 عام من الشيوعية.. قصة نجاح الصين في الانتصار الكامل على الفقر المدقع
 
أحمد نشاطي
 
 
يوم الخميس فاتح يوليوز 2021، يحتفل الشيوعيون الصينيون، وعموم الشيوعيين في العالم، بالذكرى المائوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، 100 عام من العمل، والنضال، والتأطير، والبناء والنماء، هي التي خلقت الصين اليوم، 100 عام من ثورة الإصلاح الشامل لكل مناحي الحياة في الصين، من الوحدة الوطنية والعيش المشترك لمختلف القوميات، إلى قيادة جموع الشعب لتحقيق النجاحات في التغلب على مختلف أنواع المخاطر والعقبات، وفي رفع الرهانات ومواجهة التحديات، وفي مقدمتها معركة القضاء على الفقر المدقع، وهذه قصة نجاح عظيمة من الضروري أن تروى وتُعمّم من أجل أن يستهدي بها كل أحرار العالم في مواجهة الفقر المدقع...
 
 
قبل ذلك، أو في سياق ذلك، نشير أولا إلى التزامات المنتظم الدولي في إطار الأمم المتحدة، إذ جرى اعتماد "إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية"، في مؤتمر قمة الأمم المتحدة للألفية في عام 2000، كمعيار أساس للتنمية، بهدف تخفيض "نسبة سكان العالم الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد ونسبة سكان العالم الذين يعانون من الجوع إلى النصف بحلول سنة 2015". مع تحقيق أهداف "إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية"، اعتمد مؤتمر قمة الأمم المتحدة سنة 2015 "خطة التنمية المستدامة لعام 2030"، سعيا إلى القضاء على الفقر المدقع، والقضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي، ووضع نهاية لجميع أشكال سوء التغذية، بحلول عام 2030.
 
 
بيد أن الصين، بقيادة الحزب الشيوعي، كانت ومازالت تشارك في تنفيذ هذين الإعلانين، لكن بوتيرتها الخاصة، المتميزة بسرعة قياسية، إذ إن زمنها كان ومازال سابقا لزمن الآخرين بعدة سنوات في مسيرة تحقيق الأهداف الأممية المتوخاة...
 
وفي هذا الصدد، كان الرئيس الصيني، شي جين بينغ، الذي هو أيضا الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وكذا رئيس اللجنة العسكرية المركزية، رفع تحديا قويا وتعهّد أمام الشعب الصيني بأكمله، بل وأمام العالم أجمع، أنه بحلول عام 2020، وليس عام 2030، سيتم انتشال جميع سكان الريف الفقراء من الفقر.
 
وبلغ التحدي أوجه عقب ظهور وباء كوفيد-19، مع ما عرفه من تأثير اقتصادي سلبي جارف، بيد أن شي جين بينغ ظل، رغم ذلك، يشدد على أن الهدف "يجب تحقيقه كما هو مقرر". وقال، في عز انتشار الجائحة، أثناء افتتاح الدورة الثالثة للمؤتمر الشعبي الوطني، وهو أعلى هيئة تشريعية في البلاد، في ماي 2020، إن الصين تعتزم، مع نهاية عام 2020، إحراز "انتصار حاسم في الكفاح المكثف ضد الفقر، والوفاء الكامل بمهام بناء مجتمع متوسط الدخل".
 
لم يكن شي جين بينغ يحلم، أو يتوهم، بل كان يفكر ويخطط، وكان واثقا من أن الصين، بقيادة الحزب الشيوعي، بكفاءاته وأطره المحنكة، مؤهلة ليس فقط للدفع بتنمية وتطوير اقتصاد البلاد ورفع مستوى معيشة الشعب الصيني، وإنما مؤهلة أيضا لتقديم فرص التنمية للبلدان الأخرى، وذلك ما فعلته الصين، إذ نفذت نحو ثلاثة آلاف مشروع مساعدة في إطار التعاون في ما بين بلدان الجنوب.
 
وفي نهاية فبراير 2021، خلال اجتماع مخصص لاستعراض إنجازات البلاد في مجال القضاء على الفقر، أعلن الرئيس شي جين بينغ أن بلاده انتصرت بشكل كامل على الفقر المدقع، وقال: "بفضل جهود الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني، حققت بلادنا نصرا كاملا على الفقر المدقع".
 
والجدير بالإشارة، هنا، إلى أنه، منذ انتخاب شي جين بينغ أمينا عاما للحزب الشيوعي في 2012، أي على مدى 8 سنوات الماضية، استثمرت الصين في مكافحة الفقر ما يعادل 246 مليار دولار.، والنتيجة أن 98.99 مليون شخص من سكان الريف عبروا خط الفقر، وجرى انتشال 832 محافظة و128 ألف قرية من المناطق الفقيرة... الأمر الذي دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى التنويه بالأسلوب المتبع في الصين لتحقيق التنمية، مبرزا أن المشروعات المستهدفة والدقيقة طريق وحيد لمساعدة الفقراء وتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وقال: "لقد تخلص مئات الملايين من الصينيين الفقراء من الفقر، وبإمكان البلدان النامية الأخرى أن تستفيد من الخبرات الصينية"... وبالفعل، شاركت الصين في عدة مشروعات من أجل تخفيف حدة الفقر في عدد من الدول النامية...
 
 
السؤال الذي قد يطرح نفسه، هنا، هو: لماذا استطاع الحزب الشيوعي الصيني حماية صحة الشعب من كورونا وإخراجهم من الفقر بأي ثمن؟
 
الرئيس شي جين بينغ يجيب بسرعة: "حزبنا ليست له مصالح خاصة، إنه يضع مصالح الشعب أولا في جميع الأوقات".
 
هذا هو السر وراء النجاح الصيني، فالنجاح هو نتيجة للجد والاجتهاد والعمل والوفاء والتضحية ونكران الذات، أي التحرر من الكسل والتواكل والفساد والإفساد، وهذه مسألة تحرص عليها الصين بشكل كبير جدا، نتيجة لربطها الجدلي والتفاعلي بين المسؤولية والمحاسبة، بالأفعال وليس مجرد الأقوال، ففي السنوات القليلة الماضية، تمثيلا لا حصرا، عاقبت الصين، التي تتوفر على نظام كفء لمكافحة الفساد ومراقبة إدارة الحزب، عددا كبيرا من المسؤولين على مختلف المستويات، وحذر الرئيس الصيني شي جين بينغ جميع أعضاء الحزب الشيوعي الصيني من أنه لا يمكن إنفاق الأموال العامة بشكل عشوائي، ولا يمكن استغلال النفوذ، مبرزا أن الشعب يعتبر الفساد الأكثر إزعاجا من ضمن كل المشاكل الاجتماعية، وقال إن الفساد هو أكبر تهديد يواجهه الحزب الشيوعي الصيني، ولا يمكن ضمان أمن طويل الأمد للحزب والدولة إلا بمواصلة محاربة الفساد وضمان نزاهة الكوادر والحكومة والسياسة.
 
وعلى هذا الأساس، تستمد الصين قوتها من الحزب الشيوعي الصيني، الذي، بدوره، يستمد قوته من الشعب الصيني، وفي الصدارة الرئيس والأمين العام شي جين بينغ، القيادي والسياسي والمفكر والموسوعي، الذي تجده يبدع في التأطير ويجتهد في التفكير حرصا على التطوير المستمر للنظرية السياسية، وفي القلب منها الماركسية، وبتواضعه، وبأسلوبه التربوي، يقود بنجاح الحزب الشيوعي الصيني، ويخلق في مناضلاته ومناضليه جذوة وشعلة المزيد من العطاء ومواصلة التضحيات ونكران الذات...، يقول الرئيس شي جين بينغ إنه يجب على جميع أعضاء الحزب بذل جهود دؤوبة لتحقيق نتائج ممتازة ورائعة من أجل التاريخ وأبناء الشعب الصيني... وكذلك كان: فتحقيق الرخاء للجميع والقضاء على الفقر وتحسين حياة الشعب وتحقيق الرخاء المشترك مع العالم، كما يرى الرئيس شي جين بينغ، هي المتطلبات الأساسية للاشتراكية الصينية، وهي مسؤولية رئيسية للحزب وللحكومة، فضلا عن الرئيس، الذي، منذ الإعلان عن المعركة ضد الفقر، لم يكن يتوقف عن الزيارات التفقدية لمختلف المناطق، التي كانت تعاني الفقر المدقع، والتحدث وجها لوجه مع القرويين الفقراء، والتحاوز معهم حول خطط التخفيف من حدة الفقر...
 
وبالموازاة مع ذلك، تعمل الكوادر القيادية للحزب الشيوعي على جميع المستويات في الخطوط الأمامية، تجدهم يزورون الحقول ويرافقون ويحاورون المزارعين وعموم القرويين الفقراء، فضلا عن فقراء بعض المدن...، وكل ذلك، من منطلق واضح ومصيري، وهو أن المهمة الأساس للحزب الشيوعي هي وضع الشعب دائما فوق كل شيء وكل اعتبار، وجعل مصلحته في القلب من مشاريع البناء والإصلاح، من أجل تمكينه من حياة رغيدة وجميلة... والحصيلة؟
 
الحصيلة أنه في عام 1978، كان معدل انتشار الفقر الريفي في الصين 97.5%، وفي عام 2020، كما سبق الذكر، تم الانتصار الكامل في معركة التخفيف من حدة الفقر في الصين وتم انتشال 98.99 مليون من فقراء الريف، و128 ألف قرية فقيرة، و832 مقاطعة فقيرة، تم انتشال الجميع من براثن الفقر بموجب المعايير الحالية، وتحقيق هدف الحد من الفقر لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 قبل 10 سنوات من الموعد المحدد.
 
قد يقول قائل إن الدفع بأن الصين تسبق زمنها فيه مبالغة! لكنها ليست كذلك في الواقع، كما أن أغلبية سكان المعمور أضحوا على قناعة تامة أن المستحيل شيء لا تعرفه الصين، ويمكن لأي مراقب موضوعي ونزيه أن يلاحظ ويعاين أن العديد من المشاريع التي عادة ما تستغرق عدة سنوات في بلدان أخرى، نجدها في الصين تُنجز وتنتهي في بضعة أشهر أو أسابيع... والسر دائما نجده في الحزب الشيوعي الصيني، وفي القلب منه الرئيس شي جين بينغ، الذي هو أيضا الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وكذا رئيس اللجنة العسكرية المركزية، الذي يلعب دورا محوريا ومصيريا في خلق "المعجزة الصينية" التي أدهشت العالم أجمع...