الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

المغاربة لا يقبلون أن يتطاول فلسطينيون أو غيرهم على وحدتهم الترابية والوطنية

 
محمد نجيب كومينة
 
يعرف الإخوة الفلسطينيون أن المغاربة كانوا دائما، حتى قبل نكبة 1948، سندا قويا للقضية الفلسطينية ولنضال الشعب الفلسطيني في سبيل حقوقه الوطنية، وتغاضوا مرارا وتكرارا على إساءة بعض الفلسطينيين لوحدته الترابية والوطنية، وفي مقدمتهم الأمين العام الأسبق للجبهة الشعبية جورج حبش القومي الذي حرّض ضد وحدتنا الترابية ودعا صراحة إلى قتل المغاربة...
 
ويعرف الفلسطينيون كذلك أن المغاربة نظموا أضخم المظاهرات لنصرة القضية الفلسطينية، وجمعوا التبرعات السخية، وأدوا مكوسا موجهة لدعم هذه القضية، التي اعتبروها قضية وطنية بصدق ودون استغلال أو اتجار أو تدخل في القرار الفلسطيني...
 
وهناك مغاربة تطوعوا وشاركوا الفلسطينيين نضالهم. وهبت الدولة المغربية أيضا لحماية الفلسطينيين في أصعب الظروف، وتدخلت من أجل تمكينهم من الاعتراف العربي والدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم بالدولة الفلسطينية.
 
معرفة الإخوة الفلسطينيين بهذا وغيره، مما لا يتسع المجال للخوض فيه تفصيلا من أجل تقوية مكاسب الثورة الفلسطينية، يُلزِمهم بأن يتحلوا بقدر من المروءة في ما يتعلق بقضية الشعب المغربي الأولى المتمثلة في حماية وحدته الترابية، وإفشال المحاولات اليائسة والبئيسة للنظام العسكري الفاشل المتسلط على الشعب الجزائري للمساس بهذه الوحدة وإلهائه عن تنمية اقتصاده ومجتمعه...
 
نحن نعي جيدا أن هناك باعة للمواقف في سوق عشوائية، وهذا النوع من البشر الفاقد للكرامة وللقيم ليس مقتصرا على الفلسطينيين، كما نعي أن هناك في كل الشعوب من يكره رؤية التقدم أو التنمية في بلد عربي نظرا لإصابته بمرض نفسي يمكن إيجاد تحليل له في عدد من الأبحاث في علم النفس، ومنها كتاب "الإنسان المهدور" لمصطفى حجازي، لكن ما يثيرنا كثيرا هو ميل البعض إلى إسقاط موقف جنرالات الجزائر من وحدتنا الترابية وكرههم المكشوف للمغرب والشعب المغربي على القضية الفلسطينية تزلفا وارتزاقا، إذ يكون واضحا أن من يقوم بالإسقاط من الفلسطينيين قد قبض الثمن، فهل القضية الفلسطينية قضية انفصال؟
 
إقامة الشَّبَه بين مشروع انفصالي يقوم على استغلال نعرات قبلية متخلفة برعاية نظام عسكري فاشل وفاسد، وبين قضية الشعب الفلسطيني وقضية العرب والمسلمين والإنسانية جمعاء، تعتبر أكبر إساءة للقضية الفلسطينية العادلة، فالنظام الجزائري لا تهمه فلسطين وشعبها بقدر ما يهمه استغلالها في معركته ضد الشعب الجزائري بهدف فرض حكم العسكر وتأجيج العداء للمغرب والشعب المغربي بشكل تجاوز حدود المرض، بعد تأكده أن المشروع الانفصالي فشل فشلا ذريعا وكل ما خططه له حكم الجنرالات بالجزائر ضد المغرب انقلب ضدهم وكشف للعالم خبثهم، ومن المؤكد أن القيادات الفلسطينية العاقلة والوازنة واعية تماما بهذا الخبث وأيضا بالالتباس، الذي يسعى إلى خلقه الجنرالات الحاكمين في الجزائر وازلامهم بالترويج لخطابات تستغل القضية الفلسطينية استغلالا بليدا ومسيئا ومرفوضا من طرف كل من يحرص على استقلالية القرار الفلسطيني وعلى دعم نضال الشعب الفلسطيني على كافة الواجهات، وداخل أرض فلسطين أولا وقبل كل شيء.
 
المرتزقة البلداء الذين جاء بهم نظام الجنرالات ليبيعوه خطابا رديئا من قبيل "تحرير فلسطين يمر عبر تحرير الصحراء الغربية" لا نعتبرهم معبرين عن الشعب الفلسطيني، وانما نراهم "زبالة" وباعة كلام بمقابل، لكن الإخوة الفلسطينيين، أينما وجدوا وأيا كانت مواقعهم وآراؤهم، يجب أن يعوا جيدا أن هؤلاء المرتزقة يسيئون للرابطة القوية التي ربطت الشعب المغربي بالشعب الفلسطيني وقضيته ونضاله، وأن من شأن هذه الإساءة أن تخلق ردود فعل من طرف عدد كبير المغاربة الذين لا يقبلون أن يتطاول أحد على وحدتهم الترابية والوطنية، أو أن يسخر بشكل رديء ضدها حتى على مستوى الخطاب.
 
وجنرالات الجزائر، كما يعرف الذين يعرفون، أغبى من أن يفكروا في ما يخدم القضية الفلسطينية دوليا ونضال الشعب الفلسطيني وتشبثه بأرضه وهويته، فمن يروّج لفكرة أن الجزائر قادرة على تحرير فلسطين مخبول يحتاج إلى مستشفى مجانين، فالشعب الفلسطيني أمسك بقضيته بعد الفشل الذريع للأنظمة العسكرية العربية وهزائمها، ورحم الله أبا عمار الذي عمل كل ما في وسعه من أجل استقلالية القرار الفلسطيني...
 
كاتب وإعلامي واقتصادي