الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

في رسالة مفتوحة.. النقابة الوطنية للتعليم العالي تخلد للصمت على "الإصلاح" الكارثي للميراوي

 
عبد الحق غريب
 
إلى الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، الأخ المحترم جمال الصباني؛
إلى عضوتي وأعضاء المكتب الوطني كل بالاسم،
الرفاق والرفيقات، الإخوة والأخوات،
تحية رفاقية وسلاما أخويا،
ارتأيت أن يكون أسلوب هذه الرسالة بسيطا، صريحا ومقتضبا... بعيدا عن لغة المساحيق ومع كل التقدير والاحترام لكم/ن.
 
تعيش الجامعة المغربية هذه الأيام وضعا لا يستقيم، يتجلى أساسا في ترقب الأساتذة الباحثين، منذ حوالي ستة أشهر، إصدار نظامهم الأساسي، مع كثير من الأسئلة حول ما يمكن أن يحمله من تراجعات ومفاجآت غير سارة، وفي إصرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار على تنزيل الإصلاح البيداغوجي "كوت كوكوت"، متعمّدا إقصاء الأساتذة الباحثين من المساهمة والمشاركة في إعداده وبلورة هندسته.
 
بالنسبة للشق المتعلق بالنظام الأساسي يمكن أن أعود إليه قريبا... أما اليوم، فإنني أتوجه إليكم/ن في شأن الإصلاح البيداغوجي.
إن ما يثير الاستغراب، في هذا الباب، هو غياب موقف واضح وصريح للنقابة الوطنية للتعليم العالي، أولا من عدم التزام الوزير بالمنهجية التشاركية التي لا يتردد في تذكيرنا بها في كل مناسبة، وثانيا لإصرار الوزير على تنزيل الإصلاح البيداغوجي "كوت كوكوت" ابتداء من شتنبر 2023... وما يثير الاستغراب أكثر هو صمتكم/ن غير المقبول وغير المفهوم حول الهندسة البيداغوجية الكارثية والخطيرة التي جاء بها ميراوي.
وإذا كان هذا الإصلاح البيداغوجي لا يختلف عن سابقيه من حيث غياب الإرادة السياسية للدولة في إصلاح التعليم بشكل عام، والتعليم العالي بشكل خاص، فإن مشروع ميراوي يتميّز عن باقي مشاريع الإصلاحات البيداغوجية بكونه كارثة بكل المقاييس، بل جريمة كاملة الأركان مع سبق الإصرار والترصد، لأنه يضرب في العمق جودة التعليم والتكوين، ويسعى إلى إفراغ الجامعة العمومية من دورها الأساسي في العلم والمعرفة...
 
أتوجه إليكم/ن ليس من أجل الدخول في تفاصيل الإصلاح البيداغوجي وهندسته ومنهجية إعداده ومضامين دفتر الضوابط البيداغوجية وما إلى ذلك، وليس من أجل الخوض في تاريخ الإصلاحات الفاشلة في المغرب...
أتوجه إليكم/ن، وأنتم/ن تعرفون حق المعرفة أن إصلاح 2002 (نظام الوحدات)، كان قد عرف تقليص الغلاف الزمني للمواد الأساسية في كل التخصصات بسبب اختزال مدة الإجازة من 4 سنوات إلى 3 سنوات، وعرف إدخال مواد تكميلية كاللغات والتواصل، على حساب المواد الأساسية.
أتوجه إليكم/ن من أجل أن أثير الانتباه، بل لأدق ناقوس الخطر حول الإصلاح البيداغوجي المرتقب (إصلاح ميراوي)، والذي جاء بمزيد من تقليص الغلاف الزمني للتكوينات الأساسية الحالية، إذ إن نسبة التقليص بالجدع المشترك المقترح تصل إلى 50% (20 إلى 25 ساعة في مشروع ميراوي عوض 40 إلى 50 ساعة حاليا)..
إن أسوأ ما جاء به إصلاح ميراوي، من ضمن العديد من النقط السوداء، هو دمج وحدتين أساسيتين من النظام الحالي في وحدة واحدة، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر دمج وحدة بيولوجيا الحيوانات ووحدة بيولوجيا النباتات في وحدة واحدة، بغلاف زمني من 40 إلى 50 ساعة، بعد أن كانت كل واحدة منهما تُشَكّل وحدة مستقلة بغلاف زمني من 40 إلى 50 ساعة (وهو غلاف زمني أصلا غير كافٍ) وقس على ذلك.
 
الرفاق والرفيقات، الإخوة والأخوات في المكتب الوطني ،
هذه ليست رسالة عتاب أو انتقاد لكم/ن، بل مناشدة من أجل تكسير صمتكم/ن والإعلان، بشكل صريح وواضح، عن موقف يُوَحّد ويجمع الأساتذة الباحثين على الصعيد الوطني، مُرتكزه هو مشاركة ومساهمة الأساتذة الباحثين بشكل فعلي وحقيقي في إعداد الإصلاح البيداغوجي وبلورة هندسته، وإعطاء الوقت الكافي لذلك، في أفق تنزيله في شتنبر 2024، ورفض كل الممارسات والأساليب اللامسؤولة التي يتعامل بها الوزير وينهجها من أجل تمرير مشروعه.
صحيح أنكم/ن وقعتم/ن اتفاقا مع الحكومة بتاريخ 20 أكتوبر 2022، وأن الحوار لا يزال مستمرا، ولكن لا تنسوا/يْن أن المصلحة العامة تعلو ولا يعلى عليها، وأن مستقبل الجامعة العمومية، ومن خلالها مستقبل أبناء وبنات الشعب المغربي وجودة تعليمهم وتكوينهم، أمانة على عاتقكم/ن... وأن التاريخ يُسجل وسيكون شاهدا على أن النقابة الوطنية للتعليم العالي، التي يقودها، اليوم، الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والنهج الديمقراطي وجماعة العدل والاحسان، أخلفت الموعد...
 
أستاذ جامعي وفاعل مدني ونقابي وسياسي