الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

لقد أفقدتنا الصهيونية عمقنا المغربي اليهودي الصافي

 
منعم وحتي
 
كنت دائما معجبا لدرجة الهوس بالثقافة المغربية اليهودية، على الإيقاعات الطربية للمغاربة من أصل يهودي، ومتيما لحد التماهي بالكتابات المغربية للأدباء اليهود، وعلى رأسهم إدمون عمران المالح..
وما زالت محكيات جدي بقصور الراشدية (قصور من طين)، حول العلاقات المميزة بين أسرتنا والأسر اليهودية المجاورة بالدوار.. أبناء عمومة حقيقيين.. على الحلوة والمرة.. في لحظات فيض الوادي ولحظات القحط والجفاف.. وكم كان الألم يعتصر قلب جدي حين يصل في سرده لمفصل لحظة فراقه مع صديقه، الذي كان يدعى "يحيى المغبون"، وقد اجتمعا للوداع وهما يبكيان في حضن بعضهما في "ملاح أسرير"، ويحيى يخبر جدي أنه ذاهب إلى "بيت الوقت"، وهو الاسم الذي كان رائجا آنذاك في المنطقة للرحلات المدبرة للمغاربة اليهود صوب فلسطين، والتي كانت أحيانا قسرية.. ولم يكن جدي حينها يعرف من حقيقة تطورات الأمر إلا أنه فقد صديقا عزيزا..
وتسارعُ الأحداث الأخيرة يقود لمصالحات قسرية من أعلى هرم الدول، يقودها نافذون في المربع الاقتصادي العالمي، لكنه يُطْرَحُ السؤال الأصلي علينا كمغاربة، ماذا لو لم تتورط الدولة في صفقة التهجير الإرغامي للمغاربة اليهود، في مؤامرة أفقدت المغرب جزءا من غناه الثقافي والإثني، والذي كان ولايزال عامل غنى للمغاربة؟!.. ماهي الضمانات التي أخذها المطبعون للجم جماح الصهيونية، لتصفية حركة عنصرية استعمارية قضمت حقوق الفلسطينيين باسم تزييف التوراة والتلمود؟!.. أين الفلسطيني في معادلة التطبيع هاته وحقه في أرضه وفي عودة اللاجئين؟!..
إن للسلم والمصالحات ثمنا هو سماع صوت حقوق الفلسطينيين أولا، والمرور إجباري عبرهم في أي حل بالمنطقة.
♦♦♦
ملحوظة 1: تستهويني الموسيقى المغربية اليهودية، إلى درجة أنه حين تمر على مسمعي إحدى مقطوعات "نيطع القايم"، يستفيق في دواخلي سؤال سكيزوفريني: "ماذا لو كانت مجندة وسبق أن قتلت طفلا فلسطينيا"..
 
ملحوظة 2: الصحراء مغربية ولو كره الكارهون.. واليهودية مكون مغربي أصيل.. ومعركتنا مع الحركة الصهيونية لن يبطلها مفعول الاتفاقات الفوقية.
 
فاعل سياسي ومدني