الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

"الدولة الاجتماعية" عند أخنوش وأمثاله.. لخدمة أصحاب الملايير والامتيازات الريعية ضد باقي المغاربة

 
محمد نجيب كومينة
 
عن أي دولة اجتماعية تحدث الملياردير بالدولار ورئيس الحكومة عزيز أخنوش أمام المشاركين في الملتقى السنوي بدافوس في سويسرا، حيث يلتقي كبار المليارديرات بالدولار وكبار السياسيين؟!
 
الدولة الاجتماعية لا تُختزل في التغطية الاجتماعية العرجاء أو بعض التحويلات النقدية المباشرة، المعروف أنها تُحضّر لإلغاء الدعم على بعض المنتجات التي بقيت مشمولة به ولا تتعدى ذلك للنظر إلى ما هو أبعد، أي إلى معالجة الفوارق الاجتماعية الصارخة: بين من يحتكرون الثروة ويقتسمونها بخبث وعدم اكتراث رغم الادعاءات والكلام الخاوي.. وبين من يعيشون في فقر أو على حافة الفقر من الساكنة الهشة، التي لم تدخر حكومة أخنوش، كما لم يدخر خصومه من الإسلاميين بتحالف معه في الحكومتين السابقتين، جهدًا لإلحاق الأذى بها والدفع بها إلى القعر بقرارات اعتدت على ما كان مكتسبا لها من قبل.
 
كيف يمكن أن تقوم الدولة الاجتماعية إذا كان النظام الضريبي موجها لخدمة أصحاب الملايير والامتيازات الريعية وضد باقي الفئات، كيف يمكن إذا كان العبء الضريبي ينقل، باسم إصلاح مكذوب عليه، إلى خبز وحاجيات ذوي الدخل المحدود، وإذا كان أخنوش وشركاؤه وأمثاله يؤدون نِسَب ضريبة على دخلهم من الأرباح أقل من أجير من ذوي الدخل المتوسط، فالضريبة على الشركات ضريبة على الدخل الناتج عن الأرباح في النهاية، وفارق المعدلات بينها وبين معدلات الضريبة على الدخل، وبغض النظر عن حقوق الخصم المتاحة لأصحاب الشركات أو الغش في التصريحات...، يكذّب لوحده حديث أخنوش الدعائي والبعيد عن الصدق.
 
الدولة الاجتماعية مشروع نشأ مع سياسة نيو ديل في الغرب، وأدت، خلال ما عرف بالسنوات الثلاثين المجيدة، إلى تحويل المجتمعات الغربية إلى طبقة وسطى واسعة عبر جملة من الإجراءات والقرارات الكبرى، وفي مقدمتها تلك المتعلقة بالعدالة الضريبية والخدمات العمومية وتحسين الدخل بربطه أوتوماتيكيا بالتضخم، وتقديم مختلف أشكال الدعم المباشر وغير المباشر لفئات السكان المهددة بالبقاء في الهامش... إلخ.
 
والدولة الاجتماعية لأخنوش تأتي في امتداد السياسات والقرارات المتبعة منذ ثمانينيات القرن الماضي، المتأثرة برياح الليبيرالية المتوحشة، وأيضا في امتداد كل ما اتخذ من قرارات لتركيز واحتكار الثروة بين أيدي من يعتقدون في قرارة أنفسهم أنهم ربحوا معركة الصراع الطبقي، وبات المجال خاليا لهم للإثراء والفوز بالريح والترويج للكلام غير الموزون الذي يستفز الذكاء الإنساني ويثير الغضب أكثر مما يقنع أو يدوخ.
 
سنتذكر خطاب الدولة الاجتماعية، الذي يردده أخنوش، وسنحكي عنه في الزمن الآتي كما نحكي عن خرافات أخرى...