الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

غضبة ملكية في الأفق.. العمدة المستبد يعرقل حل أزمة النقل الحضري في فاس!

 
من جديد، عاد عمدة فاس، عبد السلام البقّالي، ليحرّك ذبابَه الإلكتروني، ومرتزقةَ إعلامِ آخر الزمن، لتغليط الرأي العام الوطني عموما، والرأي العام المحلي على وجه الخصوص، حول أزمة النقل الحضري، التي كانت وجدت حلولها عقب دخول وزارة الداخلية على الخط من خلال القيام بوساطة التحكيم...
 
واللافت لانتباه المراقبين أنه في الوقت الذي كان الرأي العام المحلي ينتظر تنفيذ مخرجات التحكيم، الذي قامت به وزارة الداخلية ووافق عليه والي جهة فاس مكناس وعمدة مجلس مدينة فاس، غير ان هذا الاخير وفي تناقض تام مع نفسه، والذي اصبح وجوده على رأس المجلس الجماعي لفاس يشكل سُبّة وعارا في جبين العاصمة العلمية، بتحركات مريبة، من عقد اجتماع للمكتب، إلى الترويج لدورة استثنائية بنقطة فريدة لإقرار قراره الانفرادي الاستبدادي، ككل القرارات الأخرى، التي يستهتر فيها بآراء المستشارين، واللافت، أيضا، أن العمدة بات كمن يملك زرا سحريا، بمجرد ما يضغط عليه، حتى تخرج شرذمة من مدونين افتراضيين ومعلقين وأشباه صحافيين لينفذوا أوامر الأسياد القاضية بالتحريض وتجييش الاحتجاج وتأجيج الوضع عن أزمة النقل الحضري، وهذه المناورات انتبه إليها، أخيرا، سكان فاس من مختلف الفئات، بمن فيهم الطلبة، الذين أطلقوا هاشتاغات تندد بـ"الاستعمال السياسوي" لأزمة النقل الحضري، وترفض "الركوب السياسي" على نضالات الطلبة...
 
إن الحقيقة مصيرها أن تظهر، ولا يمكن أن يغطيها الغربال، أو يحرّفها الذباب عن الأنظار، فالمسألة أو الأزمة تلخّصها كلمة واحدة: هناك صفقة تلوح في الأفق لاستبعاد شركة وطنية واستقدام شركة أجنبية تفعل في سكان فاس ما تفعله من انتهاكات باتت على كل لسان لدى سكان مراكش وأكادير وطنجة والدارالبيضاء والرباط وخريبكة...
 
لقد رصد موقع "الغد 24"، تأكيدا لما صرّح لنا به عدد من مستشاري جماعة فاس، انطلاقَ مخطط مدروس ومتعمّد يستهدف الإساءة إلى الشركة ودفْعِها للإفلاس، ويضرب عرض الحائط بكل مخرجات تحكيم وزارة الداخلية، والإيهام بأن فسخ العقدة مع الشركة هو مطلب للوالي وللسكان... يقول مستشار في جماعة فاس إن هذا التضليلَ هو جزء أساسي من المناورة الرامية إلى تنفيذ المؤامرة ضد شركة "سيتي باص فاس"، وأضلاع هذه المناورة تتشكّل من التحريض والتجييش ضد الشركة، ومن الإيحاء إلى أن القرار اتخذه والي جهة فاس مكناس، وهو من طلب من العمدة توقيف العقدة! بينما الحقيقة مخالفة لذلك، ما يتطلب الامر فتح تحقيق حول الجهات التي تقف وراء العمدة وتدعمه لخلق اختلال في توازن هذا المرفق العمومي وتسعى لزعزعة السلم الاجتماعي بمدينة فاس.
 
قد يكون هذا الإيحاء لا أساس له من الصحة ومجرد مناورة لاستقواء العمدة بالوالي على زملائه المستشارين، سواء في المكتب أم في باقي اللجان، ممن يعارضون هذا التوجّه التعسفي والاستبدادي، ويتعمد رئيس مجلس مدينة فاس، عن سابق إصرار وترصّد، أن يتمرّد على قرارات وزارة الداخلية التي قامت بجهود جبارة من أجل بلورة حل للأزمة بين الشركة والمجلس.
 
السؤال المطروح ما هي الأهداف المبيتة وراء قرار أعمته المصلحة الخاصة الضيقة عن النظر إلى المستقبل، الذي يتطلّب الجلوس إلى طاولة الحوار، واستبدال كل الأحكام المسبقة بالتعاون ووضع اليد في اليد من أجل عمل مشترك لمعالجة كافة اختلالات النقل الحضري بفاس، خدمةً للسكان وتحقيقًا لآمالهم في نقل مؤهّل وآمن ومزدهر، وليس ذلك على ذوي النيات الحسنة بعزيز...
 
المعضلة، هنا، أن هذه العراقيل المتعمّدة تحدث في ظرفية ضاق فيها الملك محمد السادس درعا بمثل هذه الممارسات، التي تحبط المستثمرين، وتعرقل مشاريعهم الاستثمارية، بل والقيام بأفعال مدربة من شأنها أن تمس بالأمن وسلامة الأشخاص والممتلكات، ولهذا السبب كانت تأتي، بين الحين والآخر، غضبة ملكية لا يتردد فيها الجالس على العرش من معاقبة المسؤولين، الذين تبث في حقهم أنهم يعرقلون... لقد طرد الملك وزراء وولاة وعمالا وعددا من المسؤولين الكبار، وبدأ يتهيّأ لغضبة أخرى قريبة، مهّد لها في خطاب العرش (30 يوليوز 2022)، عندما حذّر من أن "أخطر ما يواجه تنمية البلاد، والنهوض بالاستثمارات، هي العراقيل المقصودة، التي يهدف أصحابها لتحقيق أرباح شخصية، وخدمة مصالحهم الخاصة. وهو ما يجب محاربته"... وواصل التحذير في خطاب افتتاح البرلمان (14 أكتوبر 2022)، من مغبّة افتعال العراقيل، التي أكد الملك أنها "لاتزال تحول دون تحقيق الاستثمار الوطني لإقلاع حقيقي على جميع المستويات"... الغضبة الملكية آتية لا ريب فيها، وإن غدا لناظره لقريب...