الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

الجنود المغاربة في حرب الجولان.. ماتوا مرتين!!

فالنسيا: عبد العلي جدوبي

 
لم يكن إطلاق اسم (الجولان) اعتباطيا أو بالصدفة على أكبر شارع بمدينة الدارالبيضاء، وهو الشارع الذي يربط أربع مقاطعات: الفداء - سيدي عثمان - ابن مسيك - سباتة، بل تم اختيار اسم الجولان السورية تكريما وتشريفا لأرواح جنودنا الأشاوس الذين استشهدوا في حرب أكتوبر 1973 (170شهيدا)، وتم دفنهم بمقبرة الشهداء بمدينة القنيطرة السورية.
 
الحسن الثاني بمقبرة الشهداء
 
خلال الجولة المكوكية للراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، وقد كنت ضمن الوفد الصحفي المرافق للراحل الحسن الثاني (23 أكتوبر 1992)، وشملت الجولة كلا من السعودية والإمارات والأردن ومصر وسوريا، التي كانت المحطة الرابعة للجولة الملكية.
عند وصولنا إلى سوريا، حدث شيء لم يكن متوقعا في بروتوكول الزيارة الملكية في آخر لحظة! ذلك أنه كان من المفروض أن يكون الرئيس السوري حافظ الأسد في مقدمة المستقبلين لجلالة الملك، لكن هذا لم يحدث، وتم الاكتفاء بحضور وزير الخارجية الأسبق آنذاك فاروق الشرع، الذي تكلف بمهمة الاستقبال..
 
ويبدو أن جلالة الملك الحسن الثاني لم يكن راضيا تماما على هذا الإجراء الذي لم يكن ساريا في العلاقات العربية العربية، ولم يستسغ الأمر، فبدهائه المعهود غير جلالته برنامج البروتوكول المسطر وقرر بعد نزوله من الطائرة، التوجه مباشرة إلى مقبرة الشهداء بالقنيطرة للترحم على ارواح جنودنا المغاربة البواسل الذين دافعوا بأرواحهم على الأراضي السورية!
 
وحسب المحللين السياسيين، فمن الناحية البروتوكولية، يشكل توجه الحسن الثاني لمقبرة الشهداء للترحم على أرواح الجنود المغاربة قبل المباحثات الرسمية، لهو تأكيد على التزام جلالة الملك بالقضية الفلسطينية وبالتضامن العربي، وفي هذا الإجراء، وهذا هو الأهم، إحراج للرئيس السوري حافظ الأسد الذي غدر بالجنود المغاربة!!
 
لحظة خشوع وإجلال
 
لقد وقف جلالة الملك الحسن الثاني أمام مقابر الجنود المغاربة في لحظة تأثر شديد بمقبرة الشهداء بالقنيطرة السورية، وصلى عليهم بخشوع، وكان تعبيرا صادقا من جلالته إزاء الرعايا المغاربة، الذين ضحوا بأرواحهم فداء لنداء قائدهم الأعلى.
 
أخ ربان الطائرة أحد الشهداء
 
خلال هذه الجولة التي شملت خمس دول، كما سبقت الإشارة لذلك، تم تخصيص طائرة الخطوط الملكية المغربية من طراز بوينغ 727 للوفد الصحفي المغربي وللوفد المرافق للملك، ومن الصدف أن ربان الطائرة هو أخ لجندي شهيد دفن بمقبرة الشهداء بالقنيطرة، وأثناء تواجدنا بدمشق لم يكف هذا الربان الشاب، واسمه حميد، لم أتذكر اسمه العائلي، عن البكاء، تقدمت عنده وسألته عن السبب، فأخبرني أن مسؤولا عن الوفد لم يسمح له بالذهاب مع الوفد إلى مقبرة الشهداء، زميلي محمد الاشهب، شفاه الله، توسط له عند مولاي أحمد العلوي، فرافقنا الربان إلى المقبرة وترحم على أخيه وعلى الجنود المغاربة الآخرين (القبور لا تحمل أسماء الشهداء)!
 
لماذا أثرت هذا الموضوع، لأن حميد ربان الطائرة كانت عائلته من سكان درب السلطان -درب البلدية، قبل أن تنتقل الأسرة في ما بعد إلى حي بلفدير..
 
اليوم تمر 47 عاما على استشهاد الجنود المغاربة الأبطال، وتكريما لذكراهم تم إزالة اللوحة، التي تحمل اسم الجولان، والتي ترمز إلى ذكراهم، تم إزالة اللوحة التذكارية من طرف تجار الدين، وتم وضع لوحة في غفلة من السكان تحمل اسم شخص لا يعرفه سوى أصحابه، شخص لا تاريخ له قضى نحبه منتحرا بسكة القطار!!
 
ما هذا الخبث وهذه الدناءة؟؟
 
أتساءل: كيف صادقت سلطة الوصاية على هذا الجرم؟ فإذا كان لابد من تسمية مكان ما باسم هذا الشخص، فسكة القطار المكان المناسب لذلك!!
 
الآن مطلوب إزالة تلك اللوحة النكرة! وإرجاع الجولان إلى مكانها، ومطلوب أيضا تقديم اعتذار إلى القوات المسلحة الملكية وإلى سكان درب السلطان وإلى الشعب المغربي وكفى عبثا برموز الوطن وبمقدساته.