الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
الملك محمد السادس والملك فيليبي السادس

تصريحات الملك فيليبي وحكومة سانشيز.. إسبانيا مقبلة على تحوّلات مهمة في الموقف من المغرب

 
إدريس جنداري
 
 
أول أمس الاثنين 17 يناير 2022، دعا العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس المغرب إلى طي صفحة الخلاف مع بلاده، مبرزا، في خطاب رسمي، أهمية "إعادة تحديد علاقة القرن 21" القائمة بين المغرب وإسبانيا على "أسس أكثر قوة ومتانة" وبهدف إيجاد حلول للمشاكل التي تهم البلدين...
 
ويوم أمس الثلاثاء 18 يناير 2022، أعلنت الحكومة الإسبانية، التي يقودها بيدرو سانشيز، عن دعمها للدعوة التي وجها الملك فيليب السادس، والرامية أساسا إلى تقوية العلاقات المغربية الإسبانية. وقالت الناطقة باسم الحكومة الإسبانية إيزابيل رودريغيز، في ندوة صحفية، إن المغرب يعتبر شريكا استراتيجيا بالنسبة لإسبانيا، مشددة على أن البلدين ملزمان بخلق علاقات طيبة...
 
التصريحات المتتالية، للملك الإسباني ورئيس الحكومة الإسبانية، في تزامن مع زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس إلى مدريد، تؤكد أن هناك تحولاتٍ مهمةً في الموقف الإسباني ستعلن، قريبا، وهذا يؤكد على اقتناع إسبانيا بالموقف الألماني الجديد من المغرب، مع ما يعنيه ذلك من عزلة مرتقبة للكيان الفرنكو-كولونيالي، الذي سيجد نفسه معزولا في محيطه الأوروبي قبل المحيط العالمي!
 
لقد اعتقدت فرنسا أنه بإمكانها تشكيل تحالف مع إسبانيا لعزل المغرب، وأرسلت إشارة غير ودية إلى المغرب عبر استقبالها لممثل الكيان الوهمي في برلمانها بحضور حكومي رسمي.
 
الضغط الألماني كان أكبر من مناورات فرنسا، وانقلب عليها سحرها، لتجد نفسها وجها لوجه مع المغرب، الذي يمتلك أوراقا رابحة بإمكانه لعبها، في الوقت المناسب، لردع صانع القرار الفرنسي، وتحسيسه بالوضع الجديد الذي أصبح يحظى به المغرب، كقوة متوسطية وكبوابة رئيسية نحو إفريقيا، وهذا ما أصبح معترفا به من طرف قوى دولية عظمى منافسة، بقوة، للحضور الفرنسي، من الولايات المتحدة الأمريكية إلى بريطانيا والصين.
 
وبخصوص سياق هذه الدعوات الإسبانية الملحة من أجل فتح صفحة جديدة مع المغرب، لابدّ من التوقف عند التقارير الاستخباراتية المسربة عبر الصحافة الإسبانية، والتي تؤكد على أن المغرب قادر على محاصرة إسبانيا اقتصاديا بشكل يتجاوز خنق الثغرين المحتلين، فالميناء المتوسطي خلق تحديا غير مسبوق للموانئ الإسبانية التي تتراجع مكانتها، بالإضافة إلى ذلك بات من المؤكد أن المغرب قد استطاع حجز مكان له مع حلفاء أقوياء مثل: الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل والصين، وذلك بعد أن أزاح إسبانيا التي ظلت، لعقود، المخاطَب الأقوى في المتوسط.
 
الإسبان أدركوا أن عهد الابتزاز قد ولى، والمغرب صرح بهذا، علانية، خلال تأزم علاقاته معهم (مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس)! ولذلك، يسعى الإسبان إلى استعادة العلاقات مع المغرب بمنطق جديد/ منطق القرن الحادي والعشرين، بإمكانه أن يرسخ الحضور الإسباني بالمغرب، الذي يعد منافسا للحضور الفرنسي، ويبدو أنه يبحث عن انسجام ممكن مع الحضور الألماني والصيني.
 
لكن، هل الإسبان مستعدون لدفع الثمن؟!
 
خطابات الملك محمد السادس صريحة والمواقف الديبلوماسية للمغرب مكشوفة، لا يمكن التعامل مع أي دولة لا تعترف بالمغرب الموحد من طنجة إلى الكويرة، هذا بشكل عام، لكن بخصوص الإسبان هناك ملفات شائكة إضافية لابد من استحضارها، فالمغرب عبر بشكل رسمي صريح عن مغربية سبتة ومليلية، وجاء ذلك على لسان رئيس الحكومة السابق وتم التأكيد عليه من طرف سفيرة المغرب بإسبانيا، كما أن المغرب مصر على مواصلة ترسيم حدوده البحرية، ولم يغلق أبدا ملف جزره المحتلة.
 
هذه ملفات شائكة، يجب على الإسبان استيعابها جيدا قبل التفكير في استعادة العلاقات الديبلوماسية المتوازنة مع المغرب بمنطق القرن الحادي والعشرين كما جاء على لسان الملك الإسباني.. بما يعنيه هذا المنطق من تحرير للعقل السياسي الإسباني من لوثة الاستعمار التي حكمت علاقاته مع المغرب على امتداد قرون من الشذّ والجذب.