الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
الأمينان العامان للبيجيدي سعد الدين العثماني وللبام عبد اللطيف وهبي

الجريمة والعقاب.. ماذا لو تحالف البيجيدي والبام وتصالحا وتشاركا في الحكم!؟

 
يونس وانعيمي
 
 
العقاب ليس معناه هنا السجن أو السحل.. بل ذلك الطائر القارض الذي لا ينزل للأرض إلا ليزدرد الجيف...
ماذا لو حصل حزب العدالة والتنمية على مقدمة انتخابات 2021 مرة أخرى.. ماذا لو تحالف معه البام وتصالحا ليحكما.. كوارث السياسة كلها متوقعة لكن هذه ستكون الخطيئة الأخيرة في مغرب بأوجه متنافرة وأزمنة مختلفة متعايشة و"نخب" متربصة بالسلطة والثروة.
سيضطر القصر لقطع زمن حياده بعدما أوحى للمغاربة ان يتحملوا المسؤولية في اختيار الحكومة. فالمغاربة لا يعيشون زمنهم السياسي بعد.. هناك أحزاب بمريديهم والباقي خارج زمن السياسة. عزوف المغاربة عن السياسة ناتج عن فشل المؤسسات في كسب ثقته.. واليوم نقول له إن مخرجك في التنمية هو المراهنة على المؤسسات ذاتها، التي راكمت الفشل. إنها قصة الدجاجة والبيضة، حيث سبب نكوص السياسة استقر بين الفاعل والمفعول به.
سيضطر الليبراليون المنافسون لمشروع الاستحواذ الإخواني (على الطريقة الأردوغانية) إما إلى الهجرة بلا رجعة، أو خلق مغرب اقتصادي أكثر انغلاقا وابتعادا عن الفعل السياسي. وستتشكل ميليشيات مالية تنسف الاقتصاد الرسمي المهيكل، لأنها تعي أن المال هو ما يحتاجه الإخوان للتربع طويلا على عرش السياسة. والإخوان هم أيضا ذرائعيون بشكل خطير، إذ سيجلبون المال من كل الباحات المشروعة وغير المشروعة وستغرق البلاد في صراع ديكة حقيقي بين تصورين متنافرين في الاقتصاد والتنمية: تصور محايث لمشروع الاستحواذ الإسلامي، وتصور لائكي عنيف ومنغلق على نفسه.
سيتم استبعاد نهائي لمؤسسات الدولة والإدارة، إذ سيستكمل الإخوان في تثبيت أعداد إضافية من مريديهم في الوظائف ومناصب المسؤولية، وسيتم الاستفحال في مسك الحسابات العمومية وتفويت الصفقات وخلق الشركات وتمويل خدماتها.. فالإدارة، لمن يحتقرها، بوابة مهمة في الاستقواء الاستثماري للمشروع السياسي الاستحواذي الإسلامي.
سيبتعد عموم المغاربة أكثر عن السياسة مادامت لا تعد بأي تغيير يذكر. وللعلم فإن الأحزاب الاستحواذية أحدثت شعبها الخاص بها وحصنت قواعدها الاقتراعية وكلما حصل عزوف عام جنت هي، بشكل سريالي، مقاعد أكثر.
ستتشكل نخب متبرجزة إسلامية واخرى مخزنية وسيتعايشا معا ويطوقا منظومة تجديد النخب وتداولها ويغلقان ربما للأبد كل احتمالات التعايش الفسيفسائي الذي يميز أنثروبولوجيا مجتمع كوسموبوليتاني.. وستحس الأنتلجنسيا بخطر متزايد ومحدق بالفكر والعلمانية والحرية..
فوز البيجيدي سيعطي للخارج إشارات بضعف الملكية، حتى ولو بايع الإسلاميون الملك صبحة وعشية.. القصر يعرف جيدا تكتيك التقية عند الإسلاميين. وحياده مع الصناديق أصبح مجازفة لكنه واجب دستوري.
ما فعله البيجيدي في تسييره للشأن العام والشؤون المحلية للعديد من الجهات يبدو للكثيرين أنه كارثي ناتج عن عدم كفايات تدبيرية.. البيجيدي لا يهمّه تدبير شؤون غير أتباعه ولا تهمه التوافقات من أجل التنمية لأنه يعرف أن محصلة التنمية الحقيقة لا تكب في أرصدته السياسية.. هو يريد أن يستولي على السلطة والمال ويفاوض من مواقع قوة كل احتمالات الاندماج معه..
هو ذلك العقاب الذي لا يهمه أن تكون فريسته طازجة ليأكلها.
هو خطر حال على السلسلة الغذائية.