الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
نزوح جماعي للهجرة السرية إلى سبتة المحتلة ينتهي بوفاة شاب غرقا في الفنيدق

عفوا يا وطني.. أحببناك وعشقناك لكن طحنونا حتى همنا على وجوهنا بحثا عن وطن يحضننا

 
باريس / نجاة بلهادي بوعبدلاوي
 
 
حينما تترك شبابك يموت في السجون، حينما يرمي شبابك بنفسه في قوارب الموت، حينما يشتد الظلم، حينما ينكسر الشباب ويصبح غير قادر على التمتع بأبسط حقوقه كمواطن...
حينما تصبح سجينا لا حق لك ولا وطن ولا عدل، حينما تُعذَّب وتُقتل بالبطيء لتشعر بالقهر وتتمنى الموت ولا تستطع أن تضع حدا لنهايتك لأن هناك من يرتبطون بك ومسؤوليتهم بك أينما كنت ووُجدت، حينما يُقتل الشرف، والضمير، حينما نجد الخداع لسرقة قوتنا وحلمنا، حينما يصبح الوطن بلا مواطن لأننا نفتقد آدميتنا، حينما يجلد الأستاذ ويعنف لا لشيء إلا لأنه يطالب بأبسط حقوقه، حينما تكون حياة معتقلي الريف المضربين عن الطعام بالسجون في خطر، ولا من مبال، حينها نصبح في وطن تحكمه مجموعات قليلة تلتهم كل شيء ويستكثرون علينا حتى الحق في العيش الكريم...
حينما تخرج للشارع تجد طفلا مقهورا، وتجد شابة ضحية الجهل تغتصب، فتاة تبيع شرفها لتعيش وتنفق على أسرتها وأخواتها، شاب مغيب هروبا من الواقع لم يجد عملا وإن وجد استحقروه، أب عاجز عن إطعام أولاده  فيقتل على نار هادئة، إهمال بحياتك وكأنك صرصار أيها المواطن فأنت خارج الخدمة...
لقد اصبحنا في نظرهم لا شيء مثل نمل يدهس بالأقدام، الحياة أصبحت عقابا ولا ندري ما هو مصيرنا؟...
فالحكومة لا يعجبها حال المواطن ولا المواطن يعجبه حال الحكومة، المواطن لا يجد في الحياة سوى الألم والحسرة.
لا جديد سوى رؤى الحكومة الفاشلة ومخططاتها ومشاريعها لحل الأزمات، عفوا لحل أزماتهم، والتفريط بما  تبقى لنا، ومع ذلك لم نجن شيئا نافعا يعود علينا، لم نجن سوى المآسي والجوع والبطالة والجشع وقتل الشعب لبعضه البعض في وضح النهار وفي الزوايا المظلمة، فيما هم يتفنون في حصد خيرات البلاد في الليل والنهار...
لم نستطع سبيلا إلى الحياة لأن العملة تنزف وتنهار والتفريط قادم، حينها نجد ارتفاعا جنونيا في الأسعار ولا جديد سوى البكاء والنزيف، والعدالة عملة نادرة...
أيها المواطن، كن على يقين، فنحن لن ننعم بشيء، وحتى وإن خرجنا وتظاهرنا، فسوف نجد أمامنا أيادي تجلد وتقهر، سنجد أمامنا اعتقالات بالجملة وشهادة وفاة وقتل سيسمونه قضاء وقدرا...
أيها المواطن هل نطالب بنصيبنا من المال العام وبيع وطننا بالمزاد العلني ونرحل لوطن يحتضننا جميعا وطن يقدر الإنسانية والكفاءات؟
نوهم أنفسنا بحلم ثورة العزة والكرامة والحرية والعدل ولا نجني سوى الألم والمرارة والتراجع والأعتقالات وتلفيق التهم... لا نملك حتى حق الاعتراض، وحتى إن اعترضنا سيزجّ بنا في السجون فنصبح مجرمين خطيرين في نظرهم...
الوطن يقتلنا والحكومة تجلدنا بسوط من حديد.. ونحن المواطنون متهمون أمام الحكومة وبعض من أبواقها الرخيصة بالجهل والسوقية هكذا نحن في نظرهم.. فلا نوهم أنفسنا... الظلم باق ويتمدد والعدالة بمأزق ومن صمتنا خلقوا أسيادا لنكون نحن العبيد..
عفوا يا وطني أحببناك وعشقناك لكن جعلوا الحياة بك وفيك متعثرة، فاضطررنا إلى أن نبحث عن وطن يحضننا ويضمنا بين ذراعيه...