الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
فيروس كورونا.. لماذا يجب علينا جميعا أن نرتدي الكمامات؟

فيروس كورونا.. لهذه الأسباب يجب علينا جميعا أن نرتدي الكمامات

مازال لدينا في المغرب كثيرون من الناس ممن لا يحتمل وضع الكمامات، فمنهم من يرفض وضعها، ومنهم من يضعها بشكل مهمل بحيث تظهر بلا فائدة، ولا تغطي الوجه، وضمن هؤلاء وأولئك، هناك من المغاربة، مثلهم مثل آلاف ملايين البشر في المعمور ممن يرتبط ارتداء الكمامات في أذهانهم بالأوبئة، فهي تجسّد الخوف من عدو فيروسي غير مرئي يتحيّن الفرصة للنفاذ إلى جسمك للفتك بك...
ومع ذلك، وعموما، في هذا الوقت الذي اتجه المغرب إلى تخفيف إجراءات الحجر الصحي، بشكل تدريجي، بدأ عدد متزايد من المغاربة يلتزمون بارتداء الكمامات في الأماكن العامة... وبين الحين والآخر، يطرح البعض السؤال: هل فعلا تسهم الكمامات في الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد؟
أولا، لابد من الإشارة إلى أن العديد من الدراسات العلمية على مستوى العالم خلصت إلى أن الدول التي نجحت في إبطاء معدل انتشار فيروس كورونا المستجد هي الدول التي فرضت على مواطنيها ارتداء الكمامات في الأماكن العامة...
تُجمع العديد من الدراسات العلمية، التي اطلع عليها موقع "الغد 24"، على أن فيروس كورونا المستجد عندما ينجح في اختراق الخلايا ويتكاثر، تخرج الجسيمات الفيروسية من الخلايا وتدخل إلى سوائل الجسم في الرئتين والفم والأنف. وعندما يسعل المصاب تتناثر القطيرات الدقيقة، أو الرذاذ، المملوء بالفيروسات في الجو. وقد يخرج من فم المصاب، أثناء العطسة الواحدة، 3 آلاف قطرة رذاذ، وبمجرد ما يخرج الرذاذ من الفم، تستقر القطيرات الأكبر حجما على الأسطح، بينما تبقى الأصغر حجما معلقة في الهواء لساعات، حيث يمكن أن يستنشقها شخص سليم...
وفيما تشير دراسة أجريت في المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية إلى أن فيروس كورونا المستجد يبقى حيا في قطرات الجهاز التنفسي لثلاث ساعات على الأقل، فإن دراسات أخرى تؤكد أن الفيروس قد يظل قادرا على الانتقال بين البشر لأكثر من 16 ساعة عندما يكون معلقا في قطرات الرذاذ... والخلاصة أن فيروس كورونا إذا تهيأت له الفرص المواتية، قد يظل معلقا في الهواء لعدة ساعات، ويظل قادرا على الانتقال إلى الأشخاص الذين يستنشقون القطيرات، التي تحتوي عليه، خصوصا في البيئات المغلقة، إذ خلصت دراسة صينية إلى أن الغالبية العظمى من المصابين انتقلت إليهم العدوى في بيئات مغلقة، كالمنازل ووسائل النقل والمطاعم ودور السينما والمتاجر، ويتضاعف انتشار الفيروس، بالخصوص، في المساحات سيئة التهوية...
ولهذا السبب، تجمع أغلب الدراسات العلمية، التي نُشرت خلال الفترة الأخيرة، على أن الكمامات تسهم في الحد من انتقال العدوى بين الناس في التجمعات، ولاسيما إذا ارتداها الناس في المواصلات العامة والأماكن المزدحمة، إذ إن الكمامة الطبية كفيلة بالحد من كميات الفيروسات، التي تنتقل عبر قطيرات الجهاز التنفسي، كما أنها تحدّ من عدد القطيرات التي يخرجها المصاب أثناء التحدث...
بالموازاة، مع ذلك، لابد من الإشارة إلى أن فعالية الكمامات تتفاوت حسب كفاءة وصنع الكمامة.. وعلى سبيل المثال، أثبتت دراسة أن الكمامات، التي تستخدم لمرة واحدة، مثل قناع التنفس "إن 95"، تتمتع بكفاءة عالية في حجب الجسيمات العالقة في الهواء. إذ صُممت هذه الأقنعة المتخصصة لمنع 95 في المائة من الجسيمات العالقة، التي قد يصل حجمها إلى 0.3 ميكرومتر، من الوصول إلى الفم والأنف أثناء التنفس. لكنها قد لا تحجب الفيروسات التي يصل حجمها إلى 0.01 ميكرومتر. علما أن فيروس كورونا المستجد يصل حجمه إلى 0.07 ميكرومتر... ولهذا من الضروري أن يرتدي العاملون في الخطوط الأمامية هذه الأقنعة...
لكن لمنظمة الصحة العالمية رأي في هذا الموضوع، إذ تثير المخاوف من أن يُقبل الناس على شراء هذه الأقنعة المتخصصة، ولا يبقى منها ما يكفي للعاملين في الخطوط الأمامية الأكثر عرضة للإصابة بالعدوى. ولهذا نصحت المنظمة الجمهور بعدم ارتداء هذه الأقنعة لإتاحتها لأفراد الفرق الطبية...
وإضافة إلى ما سبق، فإن ارتداء أقنعة التنفس يتطلب بعض الإرشاد والتوجيه، حتى توضع على الوجه بإحكام، لأن ارتداء الكمامات بشكل خاطئ لن يحقق الوقاية من الفيروس.. وقد يؤثر شعر الوجه أيضا على كفاءة هذه الأقنعة، ومن ثم قد تتسرب الجسيمات الفيروسية إلى الفم والأنف من الجانبين...
ورغم ثمنها المناسب جدا، المعتمد في المغرب، غير أن ظروف العيش الصعبة، إضافة إلى مدى صلاحية الكمامة، التي قد لا تتجاز 4 إلى 5 ساعات، فقد عمد بعض الناس على تصنيع كماماتهم الخاصة من مواد مختلفة، إما من الثوب أو النايلون، وهنا ينصح بعض الخبراء باستخدام الأقمشة ذات عدد أكبر من الخيوط، وأن الكمامات المصنوعة من أكياس الوسائد المطوية أربع مرات قد تحجب 60 في المائة من الجسيمات، في حين أن وضع القميص على الفم والأنف يقي من أقل من نصف الرذاذ، لكن طيه مرتين أو ثلاث مرات قد يحسّن كفاءته في حالات الطوارئ، كما أن بعض الأقمشة كالحرير والبوليستر لديها فعالية في حجب الجسيمات الفيروسية، وكذلك المواد القطنية والصوفية المضغوطة يمكن أن تحجب الجسيمات فائقة الدقة، كما أن وضع الجورب على الأنف والفم بإحكام يصلح كبديل للكمامات في حالات الطوارئ...
وفي هذا الصدد، ينصح الخبراء بغسل الكمامات المصنوعة في المنزل بانتظام بالماء الساخن والصابون، لأن الماء الساخن وحده لا يكفي لقتل فيروس كورونا المستجد، الذي قد يتحمل الحرارة حتى 60 درجة مائوية، في حين ثبت، علميا، أن استعمال الصابون والمنظفات المنزلية نجح في تكسير الغلاف الدهني الذي يحيط بفيروسات كورونا...
 
لكن، لابد من الإشارة، هنا، إلى أن هذه البدائل هي أقل كفاءة من الكمامات الطبية أو قناع التنفس "إن 95"، لكن ارتداءها في الأماكن العامة، بعد انتهاء الحجر الصحي ومخالطة الآخرين مرة أخرى، قد يسهم في الحد من معدلات انتقال العدوى...
إن موقع "الغد 24"، الذي أعد هذه المادة من خلال الاطلاع على أزيد من 10 دراسات حول الموضوع، ينصح جميع المغاربة بارتداء الكمامات، وعدم الاستهانة بها في هذه الظرفية، التي تشهد فيها بلادنا رفعا تدريجيا للحجر الصحي، صحيح أن ارتداء الكمامات هو، في الواقع، مزعج نوعا ما، ويكسر كثيرا من عاداتنا، بعدما ألفنا، منذ نعومة أظافرنا، على التقارب الاجتماعي، والتعانق والتباوس، كما أنه يمنعنا من قراءة تعبيرات ملامح أحبائنا أو حتى خصومنا، أو قراءة تعبيرات وجوه الآخرين على العموم، لكنه سيساهم في حمايتنا من العدوى، وفي حماية أهالينا وأحبائنا...